أعلن حمدين صباحى دخول سباق الرئاسة بينما امتنع عبد المنعم أبو الفتوح عن خوض المعركة وكنت أرجو أن يخوضها. الساحة تتسع لكثيرين من المنافسين الحقيقيين، حتى عندما يخلع المشير السيسى رداءه العسكرى ليخوض السباق كمدنى ينافس على رئاسة دولة مدنية.
أمر جيد أن يكون المنافسون بالوزن السياسى والانتخابى لحمدين صباحى، أو لغيره من المرشحين القادرين على إدارة معركة انتخابية جيدة، وبتوجهات سياسية مختلفة تمثل التنوع السياسى بين المواطنين وتطرح اجتهاداتها لحل المشكلات الصعبة التى نواجهها من خلال برامج عمل نرجو أن تعتمد على العلم وتقترب من الواقع ولا تلجأ لدغدغة مشاعر الجماهير، فالموقف صعب والتجربة القاسية مع حكم الإخوان الفاشى علمت الناس أن لا تنخدع مرة أخرى.
التنافس الجاد سوف يعطى للانتخابات بعدها الديمقراطى، وتنوع الاجتهادات يمكن أن يفتح آفاقا جديدة للتعامل مع التحديات التى نواجهها. والمنافسة يمكن أن تجذب أعدادا أكبر للمشاركة فى الانتخابات. ووجود مرشحين أقوياء يمكن أن يبلور الكتلة الواسعة من الناخبين فى تيارات سياسية أساسية تمثل الوسط واليمين واليسار.. لا يخرج منها إلا جماعات الإرهاب ومن أجرموا فى حق الشعب أو رفضوا الاعتراف بثورته.
لكن هذا كله ينبغى أن يتم من خلال شرط أساسى لا يمكن الاستغناء عنه وهو الحرص على وحدة قوى الثورة التى أنقذت مصر مرتين فى ثلاث سنوات، والتى تتحمل الآن مسؤولية مقاومة جماعات الإرهاب التى يقودها الإخوان وتتهيأ فى نفس الوقت لتحمل مسؤولية بناء مصر الجديدة القادرة على حماية أمنها وإرساء قواعد نهضتها من الوضع الصعب الذى تمر به بعد أربعين عاما من بؤس السياسة وحكم الفساد.
كان هذا هو السبب الأهم لانحيازنا لأن تكون انتخابات الرئاسة قبل انتخابات البرلمان، حتى تكون فرصة لتقوية جبهة الثورة ضد جبهة أعدائها. ولكى نعبر من خلالها إلى توافق أكبر يساعد على حسم انتخابات البرلمان لمصلحة قوى الثورة، ويهيئ الشباب بالذات لكى يكون هو العامل الحاسم فى المجالس المحلية بعد ذلك.
نترك أعداء الثورة جانبا ونترك الراقصين على كل الحبال، أو من يعرضون خدماتهم البائسة على كل نظام، أو من يتصورون أن هناك فرصة لعودة ماض لن يعود. نترك ذلك كله وراء ظهورنا، ونلتفت فقط لقوى الثورة التى لا ينبغى أن تفرط فى وحدتها، والتى لا بد أن تدرك أن أى فصيل من فصائل الثورة لن يستطيع وحده مواجهة الظروف الصعبة التى تمر بها مصر فى هذه المرحلة الحاسمة من تاريخها.
من هنا يأتى الترحيب بالمنافسة التى ترسخ التجربة الديمقراطية، ومن هنا أيضا ينبغى التأكيد أن المكسب الحقيقى هو أن تخرج قوى الثورة من هذه المنافسة وهى قادرة على استكمال الطريق معا، وإلا كانت النتيجة كارثية.
المهمة صعبة، البداية قد لا تكون مشجعة بعد ما رأيناه من انقسامات فى حركة «تمرد» وخلافات داخل تيارات سياسية هى جزء أصيل من جسد الثورة، لكن الأمل كبير أن نتخطى ذلك بسرعة. وأن ندرك أن المشوار ما زال طويلا أمامنا، وأنه لا بديل أمامنا إلا أن نقطعه معا.
فلتكن هناك منافسة ديمقراطية، ولتكن هناك اختلافات فى الرؤى وبرامج العمل. ولكن فليكن هناك الحرص على أن نخرج فى النهاية ونحن فريق واحد ضد عدو مشترك ينشر الإرهاب، ويعطل المسيرة ويستنزف قوى الثورة ويريد أن يعيد الماضى ولو كان الثمن أن يخون الوطن ويدمر الدولة.