كان موعدى مساء الجمعة الماضية مع ليليان داوود فى برنامجها «الصورة الكاملة» عبر «أون تى فى»، الحوار عن الفيلم الشائك «أسرار عائلية»، الذى يتناول المثلية الجنسية وحدود الرقابة وحق المجتمع والخط الأحمر للمبدع، سألت عن الموعد، قالوا الحادية عشرة مساء، لاحظت أنه نفس توقيت الجزء الأخير من برنامج «البرنامج» لباسم يوسف فى مرحلته الثانية عبر قناة «إم بى سى»، تمنيت أن يتأخر اللقاء قليلاً. برنامج باسم مثل مباراة كرة قدم على الهواء فى نهائى الكأس الكل سينتظرها، خصوصا أنها الحلقة الأولى التى تأتى بعد ترقب طال عدة أسابيع، تساءل فيها الناس عن مصير «البرنامج»، ما الذى يقدمه فى تلك المرحلة؟ وإذا كانت «سى بى سى» لم تتحمله فهل تفعلها «إم بى سى»، حتى لو كانت محطة عربية؟ هناك بالتأكيد خط أحمر هل السيسى هذا الخط؟
كنت على يقين أن الاتفاق مع القناة سيتضمن الوصول إلى تلك النقطة الساخنة وبلا تجريح، وصلت إلى قناة «أون تى فى» بعد العاشرة بدقائق قليلة، فوجدت المخرج هانى فوزى سبقنى ومعه بطل فيلم «أسرار عائلية» محمد مهران، والكل ضبط نفسه على موجة «البرنامج». وشاهدت الحلقة كاملة مع عدد من العاملين فى حجرة استقبال «أون تى فى».
قليلة هى البرامج التى تبتعد عن الخط الرسمى للدولة، أصبحنا إلا قليلا نعيش فى زمن الإيقاع الواحد والنغمة الرتيبة، ونسبح بحمد الرجل الذى أنقذ مصر من حكم الإخوان، وأشاع الضوء بعد أن عشنا فى ذلك الظلام على مدى عام، هل يعنى ذلك أن نظل جميعًا نهتف باسمه ثم نأتى به رئيسًا؟ الكل يتوجه إلى المنقذ والإعلام أيضا فى أغلب قواه الضاربة لا يرى غيره فى الكادر، ولا يسمح بأى حديث إيجابى عن غيره. لا نستطيع أن نقول إن كل من يؤيد السيسى رئيسا حطم الخط الفاصل بين المنقذ والرئيس، ولكن دائما هناك كذابو الزفة المنتشرون فى كل العهود ولديهم الطبلة والرق والصاجات فى وضع الاستعداد الدائم.
هناك حالة من السخونة والتماهى ممكن أن أتقبلها فى الشارع تلعب لصالح المشير، ولكنى أرفض تماما الدروشة التى انتابت البعض فى إعلان حبه وولائه وتخوين كل من يقف على الجانب الآخر، من مخاطر هذا النوع من الحب المعصوب العينين أنه فى لحظات من الممكن أن يهبط المؤشر، لأن الانتظار يزيد من سقف التوقع، والواقع فى العادة لا يصل أبدا إلى الخيال.
الإعلام بجناحيه الرسمى والخاص يشعرنى بأنه صار جزءًا من اللعبة. هل عادت قائمة الممنوعات لأشخاص غير مرحب بهم فى الفضائيات؟ هل تقلص السقف ليقف عند حدود الببلاوى، مثلما كان نظيف يلعب هذا الدور فى زمن حسنى مبارك؟ فأصبحنا نردد أين أنت يا ببلاوى، استقل يا ببلاوى، «يا راجل يا عجوز مناخيرك قد الكوز».
فى زمن مبارك الكل كان يعلم أن الحاكم هو الرئيس وابن الرئيس، ورغم ذلك كان المعروف أن نظيف يتلقى الغضب منفردا. المستشار عدلى منصور الآن لا يحكم والحاكم لا يزال ضبابيا، والببلاوى شايل الليلة لوحده.
باسم حدد الهدف وهو فضح النفاق الإعلامى، وأطلق صواريخه على عدد منهم، ولكن عليه أن يُخرج نفسه من المعادلة مغفورا له هذه المرة فقط، أن يصبح هو المحور ويصوب مدفعيته الثقيلة ضد كل من هاجموه عبر الفضائيات من الفنانين والإعلاميين والجمهور. باسم يدافع عن باسم، والمشاهد يحب الشخصنة، فهو يقرأ عن شخص ويتابع شخصا، وتزداد معدلات الترقب كلما ارتفع التجاوز اللفظى وتبادل الشتائم النارية، إلا أن المطلوب أن لا يتحول «البرنامج» إلى تصفية حساب مع الخصوم مهما كانوا يستحقون الهجوم. كما أننى لا أرتاح إلى نغمة التعريض والغمز واللمز، حتى لو كان الطرف الآخر قد فعلها، مثل طريقة باسم فى نطق اسم «عمرو»، لو شرعنا هذا النوع من السباب سوف يخسر باسم المعركة، لأنه لن يستطيع مجاراتهم فى التطاول.
الحلقة الأولى أكدت أنه لا يوجد خط أحمر، شاهدتها حتى «كاريوكى»، وبعدها كان ينبغى أن أغادر موقعى من حجرة الانتظار للتصوير على الهواء مع ليليان، التى قدمت القضية الشائكة بموضوعية وتفهم، ولكن السؤال هل المشاهد يفضل الحياد والموضوعية؟