مصر اليوم فى حرب.. حرب ليست كأى حرب.. حرب تشنّها تنظيمات إرهابية غادرة حقيرة خائنة، مدفوعة بأجهزة استخبارات دول استعمارية، تستهدف تفتيت العالم العربى، عبر تقسيمه إلى دويلات صغيرة، تتناحر فى ما بينها، فتدمّر بعضها البعض، ويزول الخطر عن تلك الدول الاستعمارية، وتضمن عدم النمو العربى لقرن من الزمان على الأقل.. واستعمار اليوم ليس كاستعمار الماضى.. ليس استعمارًا عسكريًّا، يدخل بجنوده ومعدّاته، خصوصًا بعد التجربة الاستعمارية الأمريكية لأفغانستان والعراق.. التجربة التى بلغت خسائرها حدًّا وضع الولايات المتحدة فى مأزق مالى كبير، ومأزق شعبى أكبر.. استعمار اليوم يكتفى بالتمويل والتدريب، وبث الأفكار الهدّامة، وسبل الفرقة، عبر عبارات فخمة ضخمة رنّانة، تستحث الشباب باندفاعه وانفعاله، ليهدم وطنه بنفسه، متصوّرًا أنه يحارب فى قضية عادلة، ومن أجل مبادئ سامية!! تمامًا مثل مقاتل فى جيش يحارب، يصر على أن يقوم الجنود بتلميع أحذيتهم، لأن القانون العسكرى يحتّم هذا، متناسيًا أن العدو يطلق النار على صدورهم، والأولوية للقتال والدفاع والمراوغة والمناورة.. مصر فى حرب وحشية شرسة، ضد إرهاب لا يؤمن بوطن اسمه مصر، ولكنه يريد أن يحتله بالقوة، ولكنه يدرك أن الشعب ضده، ولهذا فهو يسعى لضم بعض الشباب إلى صفوفه، عبر الاتجار بالمصطلحات الرنّانة، كما يتاجر طيلة عمره بالدين، لتحقيق مآرب خائنة حقيرة، هى أبعد ما يكون عن الدين والمبادئ والأخلاق.. تمامًا كالشيطان، لا يقول للبشر أبدًا افعلوا الشر، ولكنه يزيّن لهم أعمالهم.. يجمّلها.. يزوّقها.. يحلّيها فى العيون والآذان والعقول، فلا يفيق مَن يتبعه إلا على الندم والخسارة والخزى والعار.. مصر فى حرب ضروس، وهناك مَن ينكر هذا، لأنه يجهل ماهية الحروب، ويتصوّر أنها تدور بين جيوش نظامية وجيوش معادية.. وهذا جهل بالغ بكل معانى الحروب.. وهناك مَن يسخر، ومَن يتصوّر أن الحرب وسيلة لخداع الشعب والسيطرة عليه، فيعاند ويكابر ويحارب وطنه من الداخل، وكأنه طابور خامس، يعمل لصالح الأعداء باسم الوطن!!!! ومن حسن طالع مصر، أن هؤلاء قلة نسبيًّا، أمام مَن يدركون معنى الوطن، وخطورة ما يواجهه، فى أخطر مرحلة من تاريخه.. فمهما كانت الدوافع أو الأهداف، ومهما كان ما يزيّنه شيطان الخيانة والإرهاب، فلا بد أن يدرك، كل مَن يتصوّر أنه وطنى، أن الوطنية الحقّة تعنى إزاحة كل الخلافات جانبًا، ووضع الوطن فوق الرؤوس، وفوق كل قضية، حتى يتجاوز محنته، ويستعيد السيطرة على مساره وخطة مستقبله.. مصر تواجه حربًا ضروسًا.. حربًا غادرة حقيرة خائنة.. حربًا تشنّها تنظيمات متطرّفة، باعت أسرار الوطن، وخانت شعبه ومستقبله، وعذّبت وقتلت شبابه وبناته، دون أن يطرف لها جفن.. تنظيمات تسعى لهدم الوطن، وتمزيقه، ومحو هويته، والسيطرة على حاضره، وتدمير مستقبله.. تنظيمات لا تبالى حتى بالقليل من الشباب الذى توسوس له، ليصير أحد أسلحتها لهدم الوطن، الذى لو تهدّم، ولو صارت لهم الغلبة، لذبحوا أوّل مَن ذبحوا كل الشباب، الذين ساعدوهم دون أن يدروا، حتى لا يتحوّلوا من سلاح فى قبضتهم القذرة، إلى سلاح موجّه إلى صدورهم، إذا ما انقلبت الأمور.. لهذا لا بد أن نتآزر مهما اختلفنا، لنعبر هذه المرحلة، و.. للحديث بقية.
نبيل فاروق يكتب: الوطن أوّلاً.. «1»
مقالات -
د. نبيل فاروق