
- قدمت مع كمال الشناوي أشهر ثنائى فى السينما المصرية
- ظلت نجمة الشباك الأولى لمدة تزيد عن ربع قرن
- كمال الشناوي: إيرادات أفلام شادية بنت عمارات.. واشترت أراضي
- "اللص والكلاب " يعد النقلة الكبيرة فى حياة شادية
- اعتزلت عندما أكملت عامها الخمسين
- تحرص على وضع صورة"السيسى" فوق جهاز التلفزيون
فتاة لم تتجاوز الثمانية من عمرها تقف أمام المرآة لساعات طويلة، تحاول تقليد المطربة ذائعة الصيت آنذاك ليلى مراد، والتى شاهدتها بأول فيلم شاهدته لها و هو"ليلى"، حيث تمنت أن تصبح فى يوم من الأيام النسخة الحديثة منها، ولم تكن هذه الفتاة الصغيرة سوى فاطمة محمد شاكر، واسم الدلع"فتوش"، والتى غزت العالم العربى كله باسم"شادية"، والتى ولدت بحي عابدين في القاهرة، وترجع أصولها لمحافظة الشرقية.
شقيقتها عفاف أول من شجعها لتطوير موهبتها، خاصة أن عفاف كانت تتمتع بصوت عذب جميل، لكن محاولتها دخول عالم الفن لم تعرف نجاحاً كبيراً نظراً لاعتراض والدها، لتعتزل مبكراً، وتحقق أحلامها الشخصية عن طريق شقيقتها الصغرى، حيث لم يمر يوم إلا و اشتركت مع أختها فى الغناء بأكثر من أغنية، وبالطبع كانت أغانى ليلى مراد فى طليعة القائمة، و تحديداً أغنية"يادى النعيم اللى انت فيه يا قلبى" التى غنتها ليلى برفقة محمد عبد الوهاب، حيث كانت شادية تقوم بغناء المقطع الخاص بمطربتها المفضلة على أن تترك غناء مقاطع عبد الوهاب لعفاف.
اكتشف والدها المهندس الزراعى كمال شاكر، أحد أهم مهندسي الزراعة والري انذاك، والمشرف على أراضي الخاصة الملكية، حيث كان عمله آنذاك في بدايات القرن العشرين يستدعي وجوده بقلب العاصمة وعلى بعد خطوات من قصر عابدين.
كانت فاطمة ترغب فى دخول الفن، و لكنها كانت تخشى رد فعل أبيها الذى سبق وقاطع أختها الكبرى لعام كامل فى رغبتها فى دخول عالم الفن، فقد استغلت فاطمة وجود المغنى التركى الشهير منير نور الدين مع العائلة بإحدى المناسبات، و طلبت من جدتها دعوتها للغناء أمام الجميع، فاستجابت الجدة على الفور، فى نفس الوقت الذى تساءل فيه الأب بدهشة" وهي تعرف تغنى؟"، فردت الجدة:" نشوف".
لم تتردد فاطمة بغناء أغنية ليلى مراد الشهيرة"بتبص لى كده ليه"، لتنال شادية إعجاب منير نور الدين الشديد، ليخبر والدها بأن لديها كنزاً يجب أن يعرف طريقه إلى عالم الفن الرحب، و منذ تلك اللحظة أدرك الوالد موهبة ابنته ذات السنوات الثمانية، وقرر أن يساعدها على صقلها بالدراسة، فأحضر لها من علمها العود والغناء مع البيانو حتى تعاقدت فاطمة بمرور الوقت مع شركات الإنتاج الفني المرموقة آنذاك، لتصبح "شادية" الفتاة الدلوعة الرقيقة التي دخلت البيوت و القلوب دون استئذان.
ولعل وجود شادية فى فترة النصف الثانى من الأربعينات كان ضرورة أكثر منه صدفة، فقد كانت الساحة فى شوق لوجه جديد سواء فى الغناء أو السينما يكسر السيطرة والمنافسة المحتدمة بين زهرتى الشام نور الهدى وصباح ، إلى جانب "المخضرمة" ليلى مراد .
لذا كان استقبال شادية الذى يميل إلى الاحتفاء متوقعاً للغاية، بعد أن أثبتت براعتها ومواهبها الطبيعية مبكراً، و هى دون الثالثة عشرة من عمرها، لتكون أكبر المرشحات لخلافة ليلى مراد فى مملكة الغناء و التمثيل معاً.
بدايتها جاءت على يد المخرج أحمد بدرخان الذي كان يبحث عن وجوه جديدة، فتقدمت وأدت وغنت ونالت إعجاب كل من كان بإستوديو مصر، إلا هذا المشروع توقف ولم يكتمل، ولكن في هذا الوقت قامت بدور صغير في فيلم أزهار وأشواك وبعد ذلك رشحها أحمد بدرخان لحلمي رفلة لتقوم بدور البطولة أمام محمد فوزي في أول فيلم من إنتاجه، وأول فيلم من بطولتها، وأول فيلم من إخراج حلمي رفلة "العقل في إجازة" والذى قام فوزى بتلحين أغانيه بطريقة خفيفة تتناسب مع الصوت الرقيق لمطربته المراهقة. لتدهش شادية الجميع بأدائها المتيز لهذه الألحان، و الذى جعل منها ملكة للأغانى الخفيفة على ساحة الغناء بمساعدة ملحنين هم عمالقة، فى مقدمتهم منير مراد الذي لحن لها عددا كبيرا من الأغنيات أهمها "واحد اتنين" و "إن راح منك يا عين"، و محمود الشريف مع أغنية"حبينا بعضنا"، إضافة إلى تعاونها المميز مع كمال الطويل الذى أثمر عن أعمال فائقة النجاح مثل أغنية "وحياة عينيك و فداها عنيه".
وقد حقق الفيلم نجاحًا كبيراً مما جعل محمد فوزي يستعين بها بعد ذلك في عدة أفلام الروح والجسد، الزوجة السابعة، صاحبة الملاليم، بنات حواء.
الكثيرون لا يعلمون أن اسم "شادية" تم اطلاقه عليها للمرة الأولى على يد المخرج حلمى رفلة عندما اختارها لتفوم ببطولة فيلم "العقل فى اجازة"، ولكن يتردد أن الذى اختار لها هذا الاسم هو يوسف وهبى حين كان يمثل فى فيلم اسمه"شادية الوادى"، و قيل أيضاً أن هذا اللقب اختاره لها عبد الوارث عسر الذى لقبها بشادية الكلمات لطريقتها المميزة فى أداء الجمل الحوارية.
حققت نجاحات وإيردات عالية للمنتج أنور وجدى في أفلام ليلة العيد عام 1949، و ليلة الحنة عام 1951، وتوالت نجاحاتها في أدوارها الخفيفة وثنائيتها مع كمال الشناوي أشهر ثنائى فى السينما المصرية بمرحلة الخمسينات، حيث استمر تعاونهما على مدار 25 فيلماً، حققت فيها نجاحات وإيرادات كبيرة للمنتجين وعلى حد تعبير كمال الشناوي نفسه "إيرادات بنت عمارات وجابت أراضي" منها حمامة السلام عام1947، و السماء و الروح والجسد، و ساعة لقلبك عام 1948، وظلموني الناس عام ،1950 وظلت نجمة الشباك الأولى لمدة تزيد عن ربع قرن، كما يؤكد الكاتب سعد الدين توفيق في كتابه تاريخ السينما العربية، وتوالت نجاحاتها في الخمسينيات من القرن العشرين وثنائياتها مع عماد حمدي و كمال الشناوي بأفلام أشكي لمين عام1951، أقوى من الحب عام ،1954 و إرحم حبي عام 1959.
1952 أكثر أعوام شادية ازدهاراً فى السينما، حيث قدمت 13 فيلماً، أى بمعدل فيلم كل شهر ولم يضاهيها فى هذا الرقم سوى إسماعيل يس فى قمة مجده.
جاءت فرصة عمرها كما تقول في فيلم المرأة المجهولة لمحمود ذو لفقار عام ،1959 وهو من الأدوار التي أثبتت قدرتها العالية على تجسيد كافة الأدوار حينها كانت تبلغ 25 عاماً.
النقلة الأخرى في حياتها من خلال أفلامها مع صلاح ذو الفقار، والتي أخرجت طاقاتها الكوميدية في فيلم مراتي مدير عام عام ،1966 و كرامة زوجتي عام 1967، وفي فيلم عفريت مراتي عام 1968، وقدما أيضًا فيلم أغلى من حياتي في عام 1965، وهو أحد روائع الفنان محمود ذو الفقار الرومانسية، وقدما من خلاله شخصيتي"أحمد ومنى " كأشهر عاشقين في السينما المصرية.
كانت قد سبقت هذه الأفلام بفيلم يعد من أفضل أفلامها وكانت بداية انطلاقتها بالدراما وهي لم تزل بعمر الورود بفيلم أنا الحب عام 1954.
وتوالت روائعها التي حفرت تاريخاً لها وللسينما المصرية أيضًا من خلال روايات الكاتب نجيب محفوظ "زقاق المدق"، و" الطريق"، وفيلم"اللص والكلاب" الذى يعد نقلة كبيرة فى حياتها الفنية حيث جسدت دور فتاة غانية تقدم يد العون لهارب من العدالة يسعى للإنتقام من شركاء الماضى. وقد خرجت الفتاة الدلوعة الشقية وأوضحت بهذه التجربة قدراتها الفنية المختلفة وإمكانياتها فى التنوع.
عام 1969 قدمت ميرامار، شيء من الخوف، و فيلم نحن لا نزرع الشوك عام 1970، وتوالت أعمالها في السبعينات والثمانينات من القرن العشرين إلى أن ختمت مسيرتها الفنية فيلم لا تسألني من أنا مع الفنانة مديحة يسري عام 1984.
1984 قدمت شادية للسينما آخر أفلامها"لا تسألنى من أنا" مع المخرج أشرف فهمى. بلغ ما قدمته شادية للفن 117 فيلماً سينمائياً، و10 مسلسلات إذاعية، ومسرحية واحدة، و ما يتعدى 1500 من الأغانى الخفيفة والأغانى الوطنية التى لقبت على أثرهم بلقب "بنت مصر".
وقفت لأول مرة على خشبة المسرح لتقدم مسرحية ريا وسكينة مع سهير البابلي وعبد المنعم مدبولي وحسين كمال وبهجت قمر عام 1985 لمدة 3 سنوات في مصر والدول العربية هي تعد التجربة الأولى والأخيرة في تاريخ المشوار الفني في حياتها على خشبة المسرح وليس ذلك هو السبب الوحيد لأهمية المسرحية في مشوار حياتها الفنية بل لأنها أدت هذه المسرحية بلون كوميدي، والسبب الآخر إنه أمام عمالقة المسرح ولم تقل عنهم تألقا وامتاعا وكانت معهم على قدم وساق كأنها نجمة مسرحية خاضت هذه التجربة مرات ومرات رغم أنه من المعروف عنها أنها من النوع الخجول في مواجهة الجمهور والأمر هنا يختلف عن مواجهتها لجمهور المستمعين في الغناء ولكنها كانت مبدعة ورائعة، ولم نشعر بفارق بينها وبين عمالقة المسرح الفنان عبد المنعم مدبولي والفنانة سهير البابلي والذين اقروا بأنهم لم يروا جمهوراً مثل جمهور مسرحية ريا وسكينة لأنه كان جمهورها الذي أتى من أجل عيونها.
1986 كان آخر ظهور لشادية على المسرح من خلال اشتراكها فى "الليلة المحمدية" حيث غنت أول أغنية دينية لها "خد بإيدى" التى كانت تناجى فيها الرسول الكريم، لتقرر الأعتزال عقب هذه الحفلة مكتفية بما حققته من نجاح، و أصبحت تسعى إلى نجاح أكبر.. وهو التقرب من الله.
اعتزلت عندما أكملت عامها الخمسين، ومن مقولتها الشهيرة عندما قررت الاعتزال وارتداء الحجاب وتبريرها كانت هذه الكلمات الصادقة والنابعة من تصميم وإردة منقطعة النظير "لأننى في عز مجدي أفكر في الاعتزال لا أريد أن أنتظر حتى تهجرني الأضواء بعد أن تنحسر عنى رويدًا رويدًا... لا أحب أن أقوم بدور الأمهات العجائز في الأفلام في المستقبل بعد أن تعود الناس أن يروني في دور البطلة الشابة، لا أحب أن يرى الناس التجاعيد في وجهي ويقارنون بين صورة الشابة التي عرفوها والعجوز التي سوف يشاهدونها، أريد أن يظل الناس محتفظين بأجمل صورة لي عندهم ولهذا فلن أنتظر حتى تعتزلني الأضواء وإنما سوف أهجرها في الوقت المناسب قبل أن تهتز صورتى في خيال الناس .
كرست حياتها بعد الاعتزال لرعاية الأطفال الأيتام خاصة وأنها لم ترزق بأطفال وكانت شغوفة لأن تكون أما .
حياتها الأسرية :
1948ظهرالحب الأول والحقيقى فى حياة شادية و كان عمرها 19 عاماً لشاب أسمر صعيدى وسيم ضابط فى الكليه الحربية، و قد تمت خطبتها إليه ، موافقة على طلبه بإعتزالها الفن، ولكنه توفى فى حرب فلسطين عام 1948.
1952تقابلت شادية مع عماد حمدى فى "قطار الرحمة" ، الذى كان متجهاً للصعيد لأغراض خيرية. و قد تزوجا أثناء تصوير مشاهد فيلم "أقوى من الحب" بالإسكندرية عام 1953 ، و كان يكبرها بحوالى 23 عاماً ، ودام الزواج 3 سنوات لينتهى نهاية هادئة بالإنفصال.
1956 : ظهرت قصة حب بين شادية و فريد الأطرش أثناء عملهما معاً فى فيلم "ودعت حبك" ،وقد اعترف الإثنان بذلك ولكنهما لم يتزوجا وذلك بسبب العناد و الكبرياء الذى سيطر على كل منهما.
1957 تزوجت شادية من المهندس عزيز فتحى الذى تعرفت عليه فى سرداق عزاء الفنان سراج منير و لكنه لم يستمر أكثر من 3 سنوات و انتهى بالطلاق.
1965 : تزوجت شادية من صلاح ذو الفقار بعد قصة حب شهيرة ولكنهما إنفصلا عام 1969 إنفصالاً نهائياً.
تحرص شادية على وجودها فى شقتها الجديدة حسب ما قالت السيدة سحر محفوظ زوجة ابن شقيقها خالد شاكر على صورة المشير عبد الفتاح السيسى حيث وضعتها فوق جهاز التليفزيون الذى تقضى امامه فترة طويلة كى يكون دائمًا أمام أعينها.