لم تستعد مصر قرشًا واحدًا من الأموال المهربة إلى الخارج حتى الآن.
وقد أثير هذا الموضوع بعد ثورة 25 يناير من أن هناك مليارات الجنيهات أو الدولارات استطاع مبارك وأسرته ورجال نظامه تهريبها إلى الخارج من خلال عمليات قذرة وغسل أموال وشركات ومقاطعات ودول تستطيع أن تخفى هذه الأموال.
وقد اعترفت بعض الدول بأن لديها أموالًا وعقارات لرجال نظام مبارك، ولكن أرادت تعاونًا قضائيًّا فى هذا الأمر. وتشكلت لجان فى مصر لهذا الأمر وبدأت الأجهزة فى التحقيق، وسافرت وفود قضائىة لبحث استعادة الأموال, وخرجت تصريحات من مسؤولين كبار تؤكد الوصول إلى الأموال المهربة، وأن أمر استعادتها بات وشيكًا بعد التحقيقات، ولكن فجأة تم السكوت والصمت على هذا الموضوع.
ولم نعد نسمع شيئًا عن تلك اللجان التى تشكلت لبحث الأموال المهربة وكيفية استعادتها، سواء على المستوى الحكومى أو على المجتمع المدنى، ولم نعد نسمع شيئًا من جهاز الكسب غير المشروع الذى كان قد تصدى لهذا الأمر، ولم نعد نسمع شيئًا من مكتب النائب العام المنوط به أن يكون ممثل ادعاء البلاد فى كل القضايا الوطنية، خصوصًا أنه كانت لديه بلاغات كثيرة فى هذا الأمر.
لم يحدث أى إنجاز فى هذا الملف، رغم أن هناك دولًا أخرى استطاعت أن تستعيد أموالها أو بعضًا منها فى وضع مشابه لنا.
وكأن لم يعد هناك شىء يذكر فى هذا الملف وتم التزام الصمت الذى هو أقرب إلى التواطؤ فيه.
ناهيك عن عدم الاستعانة بخبرات مصرية لها تجارب عظيمة فى هذا الشأن، وكانت تعمل فى منظمات دولية لها علاقة بملف تهريب الأموال وغسلها.
ويحدث هذا الصمت فى وقت أثير عنه عقد الصفقات مع رموز نظام مبارك خلال فترة حكم الإخوان، وبناء عليه دفع عدد منهم أموالًا كثيرة (لا يعرف أحد أين ذهبت تلك الأموال؟) مقابل تسوية قضاياهم فى غسل الأموال والكسب غير المشروع كشخصيات مثل زكريا عزمى وفتحى سرور وغيرهما.
(كالعادة فهناك غياب شفافية ناهيك عن حالة التفسخ فى مؤسسات الدولة التى شهدت تدميرًا خلال فترة مبارك وأراد الإخوان هدمها تمامًا فى أثناء حكمهم).
المهم أن هذا الصمت على أموال البلاد المهربة والذى يحدث عندنا عكس ما يحدث فى الدول التى لديها هذه الأموال، فهى مهمومة بتلك الأموال لتبييض وجهها أمام شعبها وشعوب العالم.
فها هى سويسرا التى اعترفت منذ البداية بوجود ملايين الدولارات لعائلة مبارك ورجال نظامه تطالب باستمرار السلطات المصرية فى دعمها قانونيًّا من أجل إعادة تلك الأموال.
ليس هذا فقط.. فقد نظمت السفارة السويسرية فى القاهرة رحلة لمجموعة من الصحفيين والكتاب إلى سويسرا للوقوف على الجهود التى تبذلها حكومة سويسرا فى هذا الشأن لإعادة الأموال المهربة.
كما أن الحكومة السويسرية أرسلت فريقًا إلى النيابة العامة لتدريب كوادر على كيفية استعادة تلك الأموال.
بل ولا يمر شهر ويصدر بيان من الحكومة السويسرية عن الأموال المهربة يؤكد وجود أموال لرجال نظام مبارك لدى بنوكها.
لكن الصمت المتواطئ.. أو تواطؤ الصمت هو سيد الموقف لدى الحكومة ومؤسسات الدولة وكأنها ليست فى حاجة إلى تلك الأموال. وكأن مبارك ورجاله أبرياء تمامًا من تهريب الأموال وغسل الأموال والفساد. وكأن لسان حال السادة المسؤولين يسير على طريق أبواق إعلام مبارك فى تشويه ثورة 25 يناير التى كانت ضد فساد واستبداد مبارك ورجاله.
يا أيها الذين فى السلطة أين أموال مصر المهربة؟