■ ملف الحد الأدنى للأجور
يتطلب تحقيق العدالة الاجتماعية فى مصر تمكين المواطن من الحصول على دخل يساعده فى تلبية احتياجات الأسرة الأساسية، لا سيما الغذاء والكساء ومواجهة طوارئ الحياة، طبعًا تظل الفئات الضعيفة فى المجتمع المصرى فى حاجة ماسة كى تدبر لها الدولة بعضًا من الاحتياجات الأساسية بمقابل رمزى أو دون مقابل، فمهما حصلت الشرائح الدنيا من حيث الدخل فى مصر من عائد، فلن تتمكن من تلبية احتياجاتها الأساسية، لذلك لا بد من تلبية احتياجات هذه الشرائح من المصريين عن طريقين، الأول: هو وضع حد أدنى للأجور فى القطاعين الحكومى والخاص، وتوفير الدولة قدرًا من احتياجات هذه الشرائح عبر تقديمها مجانًا أو بمقابل رمزى. وفى ما يخص الحد الأدنى للأجور، فإن الحديث عن ١٢٠٠ جنيه شهريًّا يمكن أن يكون مقبولًا كبداية، لا سيما فى ظل الارتفاع المتواصل فى أسعار السلع والخدمات، ويمكن النظر فى زيادة الحد الأدنى مع تحسن أوضاع الاقتصاد المصرى وتعافيه تمامًا مما لحق به من تدهور على مدار السنوات الثلاث الماضية، ولا بد من أن تبدأ الدولة فورًا فى تطبيق الحد الأدنى للأجور دون إبطاء. أما الطريقة الثانية وهى الأهم، فتتمثل فى دعم ومساندة الفئات الأفقر والأضعف فى المجتمع المصرى، لا سيما فى صعيد مصر، ويمكن فى هذا الإطار طرح مجموعة من الأفكار تبدأ من توفير مساكن صحية مناسبة بإيجار رمزى أو تمليكها بأقساط معقولة لا تزيد فى أى حال من الأحوال على ١٠٪ من الدخل الشهرى. أيضًا لا بد من توفير تعليم مجانى جيد تتكفل الدولة به بالكامل، والقضية هنا تتجاوز توفير التعليم بحيث تركز على جودة العملية التعليمية بمكوناتها المختلفة، أيضًا من بين أبرز مسؤوليات الدولة تجاه هذه الشرائح من المواطنين تأتى قضية توفير العلاج المجانى الجيد لغير القادرين، وكلما سارت الدولة على طريق توفير هذه الخدمات للشرائح الدنيا من حيث الدخل، أعان ذلك هذه الشرائح ومكنها من مواجهة أعباء الحياة. ويمكن فى هذا السياق طرح مجموعة أفكار تتعلق بما يسمى ضمان وصول الدعم إلى مستحقيه، فالملاحظ أن قسطًا كبيرًا من الدعم يذهب إلى غير مستحقيه، بحيث تستفيد منه شرائح قادرة وبات مطلوبًا مراجعة هذه القضية برمتها، منها على سبيل المثال مواد التموين التى تحصل عليها ملايين الأسر المصرية، فالمؤكد أن هناك أعدادًا كبيرة من الأسر لديها القدرة على شراء هذه المواد بأسعار السوق، وبالتالى ربما يكون مهمًا مراجعة الأسر التى تحصل على مواد التموين المدعومة واستبعاد الشرائح القادرة منها، وربما مضاعفة كميات مواد التموين للأسر المستحقة، الأمر نفسه يمكن تطبيقه على الطاقة والكهرباء بحيث يمكن إعفاء الفئات الأكثر فقرًا من رسوم الكهرباء على سبيل المثال مع زيادة بسيطة فى أسعار الخدمة للفئات الأكثر قدرة فى المجتمع، وعلى نحو لا يحمل الدولة أعباء جديدة. مطلوب من الرئيس القادم الاستعانة بفرق متخصصة فى كل المجالات ويجب تقديم دراسات وافية عن مكونات العدالة الاجتماعية فى مصر والواقع وبدائل التعامل مع هذه القضية بأبعادها المختلفة، فمطلوب من الرئيس القادم امتلاك خطط قائمة على دراسة حقيقية للواقع القائم وتقديم بدائل عملية للتعامل مع ملفات العدالة الاجتماعية المختلفة بحيث يبدأ تطبيقها فورًا بعد تسلم السلطة، وبحيث يشعر المواطن المصرى بتغيير حقيقى على الأرض، فإذا ما رأى تغييرًا ما يحدث على الأرض فسوف يتولد لديه الأمل فى المستقبل، ومن ثم يتعامل بقدر كبير من التقدير مع النظام الجديد.