قرأت فى جريدة «الوفد» الغراء مقالين يومى 18 و19 يناير كل منهما على مساحة صفحة كاملة للسيد أحمد أبو الغيط وزير خارجية نظام مبارك الذى أسقطته ثورة 25 يناير المجيدة التى حاربتها عصابة الإرهاب الإخوانية يوم اندلاعها ثم ركبت موجتها بدءًا من 28 يناير بعدما تيقنت من نجاحها.
يدهشنى أن السيد الوزير الأسبق لم يبدأ مقالتيه بالاعتذار الواضح الصريح إلى شعب مصر عن الدور الذى قام به طوال سنوات عمله وزير خارجية النظام الساقط. والذى تميزت سياسة مصر الخارجية فيه بالانبطاح الكامل أمام رغبات الاستعمار الأمريكى، ورغبات كلب حراسته الإسرائيلى الذى حمى مصالحه فى المنطقة ويشرف على مخططاته الشريرة لتدميرها وتقطيع أوصالها.
كانت السياسة التى نفذها الوزير الأسبق فى الاستسلام الكامل للاستعمار الأمريكى هى السبب الأول فى تمكين عصابات الإرهاب الإخوانية من لعب دور المكافح الوطنى الشريك فى ثورة 25 يناير المجيدة إلى أن تمكن فى غفلة من الزمن من سرقتها والوصول إلى الحكم لتغيير المخططات الأمريكية بثوب جديد من تأسلم كاذب، ظاهرُه الرحمةُ وباطنُه العذابُ. ولكن هذا الشعب الواعى القوى لم يستغرقه الخداع سوى عام واحد حكمتْه العصابة الإرهابية حتى هب الشعب العملاق فى «30 يونيو» 2013 فأسقط حكم الإرهاب، مستندًا فى ذلك إلى جيش مصر العظيم بقيادة ابن مصر البار عبد الفتاح السيسى وشرطتها الوطنية التى رفضت الوقوف فى وجه الشعب.
اليوم يحاول فلول الماضى المستحيل لعزل الثورتين العظيمتين عن بعضهما البعض، أملًا فى أن يكون لهم موطئ قدم فى ثورة 30 يونيو على حساب تشويه ثورة 25 يناير.
وإن كان بعض أو حتى رموز ثورة 25 يناير قد نجح الاستعمار فى تجنيدهم لخدمته كما تردد مؤخرًا، فإن هذا الاتهام، إن ثبتت صحته يكون شوائب من العفن تعلق بثوب ثورة شعبية اشترك فيها الألوف من الشباب وغيرهم من مختلف الأعمار، كما حدث فى كل ثورات التاريخ.
ولن تعجز الثورة الشامخة عن تطهير ثوبها من هذه الأدران لو ثبت وجودها.
أما أن يأتى اليوم بعض رموز الماضى البغيض ليشيدوا بثورة 30 يونيو ويمتدحوا دور جيشها الباسل فيها كما لو كانوا جزءًا منها، فتلك سذاجة سياسية لن تنطلى على أحد.
أين كنت يا سيادة الوزير الأسبق وأنت تنفذ لرئيسك الذى أسقطه الشعب أبشع الجرائم السياسية فى حق الوطن والتفريط فى مصالحه أملًا فى تحقيق حلم الكابوس بأن يرث طفل رئيسك عرش مصر؟ ماذا فعلت طوال سنوات عملك وزيرًا للخارجية دفاعًا عن مصالح مصر ومنعًا من افتراس الذئاب المسعورة أرضها وكرامتها؟
إن كانت حجتك أن عمل وزير الخارجية مجرد سكرتير لرئيسه فى تنفيذ سياسته فإنى أذكرك بأن الرجل الوطنى الشريف لا يفرط فى مصالح وطنه عندما يرى رئيسه ينتهكها بل يستقيل ويرفض الإسهام فى هذه الجرائم السياسية النكرة كما فعل وزيرا خارجية مصر العظيمان الراحلان إسماعيل فهمى ومحمد إبراهيم كامل، رحمهما الله. فقد استقالا عندما رأيا أن سياسة رئيسهما تضر بمصالح الوطن.
رفضا أن يكونا جزءًا من سياسة لا يؤمنان بها. تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها.
أشعر بالشفقة على بعض رموز الماضى البغيض عندما يتصور أن هذا الشعب الأبىّ العظيم ضعيف الذاكرة وسرعان ما ينسى من أساؤوا إليه ويغفر خطاياهم. نصيحتى الخالصة لهؤلاء هى أن يتواروا عن أعين الناس حفاظًا على البقية الباقية من ماء وجوههم. فهذا الشعب العظيم لا ينسى ولكنه قد يتناسى لو اختفت رموز الماضى البغيض من أمام عينيه.
نائب رئيس حزب الوفد