الإسلاميون لا يتحملون العيش دون صراعات وحروب وقتال وعنف وكراهية ونفى للآخر، هذه هى طبيعتهم، وهذه هى أيديولوجيتهم، وهذه هى أخلاقهم وسماتهم.. يكفِّرون الآخرين ثم بعد ذلك يكفِّر بعضهم بعضا. يقاتلون معا ضد العدو الكافر الأجنبى أو العلمانى أو غير الإسلامى، حتى ولو كان على دينهم ومذهبهم، وبعد الانتهاء من قتال العدو البعيد يلتفتون إلى الشريك الإسلامى القريب أو العدو القريب.
لا يختلف تاريخ مجموعة إسلامية عن هذا التوصيف طوال التاريخ الإسلامى كله، من الخلافة الراشدة إلى حلم الخلافة الإخوانية، كل مجموعة تعتقد أنها الفرقة الناجية الوحيدة وما عداها هالكون، ولهذا تحارب على يقين أنها الفرقة الناجية. فى الحديث المسرب لمرسى مع أيمن الظواهرى يحذره الأخير من خيانة السلفيين، فيرد عليه مرسى بعد إتمام التمكين سنتخلص منهم يا أمير المؤمنين.
هل مرسى يعتقد فعلا أن الظواهرى أمير المؤمنين أم أنه ينافقه حتى يحصل على تأييد القاعدة لحكم الإخوان والوقوف معهم ضد أعدائهم؟ كتب الصحفى الراحل الأستاذ عبد الستار الطويلة عن ذكرياته فى سجن ليمان طرة مع الإسلاميين عام 1981، أن كل الفرق الإسلامية كانت يشك بعضها فى بعض، ويكفر بعضها بعضا، حتى إنهم كانوا يتصايحون فى نقاشهم حول هل مات خالد الإسلامبولى شهيدا أم مات كافرا؟ فى أفغانستان حارب ما يسمون بالمجاهدين الاتحاد السوفييتى، وتحالفوا مع الشيطان الأكبر وهو أمريكا فى نظرهم من أجل التخلص من السوفييت، وبعد ذلك بدأ القتال والذبح والتفجير والتفخيخ بين فرق المجاهدين المختلفة.
فى السودان تحالف البشير مع الترابى ضد النظام المنتخب للميرغنى والصادق المهدى، وبعد أن استقر لهما الحكم انقلب أحدهما على الآخر. فى الصومال قاتلوا معا ضد أمريكا وقرصنوا ونهبوا معا، ولكن بعد تعيين رئيس إسلامى بدأ القتال يشتعل بينهم. فى سوريا دعمت قطر وتركيا الجيش السورى الحر الذى يعتبر واجهة إخوانية، ودعمت السعودية المجموعات الأكثر تطرفا مثل «داعش وجبهة النصرة» وغيرها، وعندما أحسوا بتحسن أوضاعهم الميدانية بدأ بعضهم فى تصفية بعض. ولو سقط نظام بشار الأسد غدا سوف تتحول سوريا بأكملها إلى مسرح للذبح والسلخ بين هذه الفرق الإسلامية الإرهابية.
فى لبنان تعمل السعودية مع سعد الحريرى لتكوين ميليشيا سنية متطرفة لمواجهة حزب الله، وها نحن نرى تفجيرا بيد سنية فى الجنوب، يليه تفجير بيد شيعية فى الشمال، وإذا استمر الوضع هكذا ستظهر ميليشيا سنية إسلامية متطرفة كبيرة فى لبنان خلال عدة سنوات من الآن، لمواجهة وموازنة ميليشيا حزب الله الشيعية.
فى السعودية النظام الحاكم ومعارضوه كلاهما يعتقد أنه الأكثر إسلاما وإيمانا وتقوى، وقد تحالفت السعودية مع أسامة بن لادن والقاعدة فى أفغانستان، وكان الأمير تركى الفيصل رئيس المخابرات وقتها يرسل مساعده جمال خاشوقجى بالشنط المليئة بعشرات الملايين من الدولارات الكاش، لتوصيلها إلى أسامة بن لادن، وبعد خروج السوفييت من أفغانستان تحول بن لادن إلى العداء للسعودية بحجة إخراج الأجانب من جزيرة العرب. العراق تحول فى سنواته العشر الأخيرة إلى مسرح لكل أنواع الجرائم الوحشية بين الفرق الإسلامية المتصارعة بمذاهبها المختلفة.
فى التاريخ الإسلامى كان محور الصراع الرئيسى والحقيقى هو السلطة، ولكن الحجج التى تساق للناس هى الحفاظ على الإسلام وادعاء كل مجموعة أنها تملك الحقيقة الإيمانية المطلقة، وبهذه الحجج الواهية قاتل بعضهم بعضا، وارتكبوا أبشع أنواع الجرائم من الذبح والسلخ والتفصيص والتفليق والتوسيط، وسحق الجماجم، والشىّ على النار، وإجبار الضحية على أكل لحمه، وفتح القبور وحرق عظام الموتى، وتبادل الرؤوس البشرية كهدايا، حتى وصل الأمر إلى فتح بطن حمار ووضع محمد بن أبى بكر داخله حيًّا، ثم خياطة بطن الحمار عليه انتقاما منه فى المشاركة فى قتل عثمان بن عفان.. وللبريد بقية.