بدأت البلاد تدخل مرحلة الجد بعد شهور من الجدل حول انتخابات الرئاسة والبرلمان وذلك بإعلان الرئيس المؤقت عدلى منصور انتخابات الرئاسة أولًا.. فضلًا عن طرح قانون انتخابات الرئاسة للحوار المجتمعى قبل إقراره.
أيضًا الاتجاه العام إلى ترشُّح الفريق أول عبد الفتاح السيسى صاحب الشعبية الآن للرئاسة وذلك بعد نتائج الاستفتاء على الدستور.
فلا مجال الآن للحديث إلا عن الرئاسة والرئيس المحتمَل.
فكفى ارتباكًا كما جرى خلال السنوات الثلاث الماضية فى الانتقال الديمقراطى.. وتحقيق الحد الأدنى لمطالب وأهداف الثورة.. وهو ما أدَّى إلى تسليم السلطة للإخوان.. فيعملون على تحويل البلاد إلى عزبة خاصة لهم بعد أن أداروا ظهورهم للشعب والوطن.. وسعوا إلى أن يظلوا فى الحكم إلى الأبد.. بالضحك على الذقون والتجارة بالدين.. لكن الشعب كان بالمرصاد ففضحهم وكشفهم وعزلهم.
ورغم محاولات الإخوان وجماعاتهم ممارسة الإرهاب لترويع المواطنين وتعطيل حق المواطنين فى دولة مدنية ديمقراطية حديثة.. فإن الأمر بات وشيكًا فى تحقيق استحقاقات الشعب فى ثورتيه ٢٥ يناير و٣٠ يونيو.
فالوطن على موعد قريب جدًّا لانتخابات رئيس يتحمل المسؤولية فى مرحلة هامَّة من تاريخ البلاد.
أى نعم هناك مشكلات وأزمات كثيرة نتيجة سياسات موروثة من نظام استبدادى سيطر على البلاد ثلاثين عامًا نشر فيها الفساد وجرف من الوطن الكفاءات حتى يستطيع أن يورث الحكم لابنه من بعده مستخدمًا فى ذلك جهازه القمعى.. واستمالة أحزاب كرتونية تعمل لصالح النظام كديكور شبه ديمقراطى.. ولكن تم سقوط النظام الهش بفعل ثورة شعبية فى ٢٥ يناير، وكذلك نظام الإخوان الذى أثر أيضًا على الوطن كثيرًا وشده إلى الخلف بدلًا من التقدُّم إلى الأمام واستغلال احترام العالم للشعب المصرى ومدّ يده إليه بعد أن رأى الإصرار على النضال ضد الاستبداد ومن أجل الديمقراطية وبناء دولة جديدة.
وقد استعاد الشعب حقوقه فى ثورته فى ٣٠ يونيو ضد فساد وفاشية جماعة الإخوان الذين فشلوا تمامًا فى حل أى أزمات للمواطنين، وكان سعيهم فقط إلى التمكين والسيطرة بالثقة فى الأهل والعشيرة فقط.
وليبقَ مستقبل البلاد فى حاجة إلى الحكم الرشيد الذى يمكن أن يحلّ مشكلات الوطن والمواطنين.. ويستعيد دور مصر على المستوى الإقليمى والدولى.
فأمام الرئيس الجديد فرصة فى تحدِّى العالم بالخروج مرة أخرى بمصر إلى مكانتها بما يستحقّ شعبها العظيم الذى بهر العالم.
ولن يتم ذلك إلا بالشفافية التى أنكرتها الأنظمة السابقة.. فكان مصيرهم السقوط المدوى!
فهناك أزمة اقتصادية حادة يجب التعامل معها من خلال خطة واضحة المعالم وبالمصارحة مع المواطنين ومشاركتهم فى حوار مجتمعى حقيقى فى قرارات مصيرية.
وهناك مشكلات أمنية كبرى.. ولا بد من الحديث بصراحة وشفافية فى هذا الملف المعقد وتطمين المواطنين بشكل واضح على أن الدولة الجديدة يُحترم فيها حقوق المواطن وليس فيها مجال للقمع وإهدار كرامة الإنسان، ولعل الجميع بات يعلم أن ثورة ٢٥ يناير خرجت ضد القهر ومن أجل استعادة كرامة المواطن الذى كانت تُهدَر حقوقه كل يوم فى الشارع وفى أقسام الشرطة والمعتقلات.. فالمجتمع فى حاجة الآن إلى رؤية خاصة أمنية فى التعامل مع الواقع الجديد.. فلم تعُد دولة القمع تنفع، فقد سبق أن سقطت.
الرئيس القادم أمامه تحديات كثيرة.. ولن تكون الأمور سهلة.. ولكنه يحتاج إلى أن يكون شفافًا مع الناس.. كاشفًا عن كل شىء، وهو ما سيجعل الناس تتحمل معه الأزمات إلى أن نخرج منها.. أمام التعامل بالإنكار وعدم الصراحة فقد يؤدِّى إلى عواقب وخيمة.. وعدم ثقة الناس مرة أخرى.
فهناك تحديات.. أى نعم.
لكن الشعب قادر على هذه التحديات مع رئيس يحترم شعبه.