ليس غريبًا أن تكون المرأة هى البطل الحقيقى لتمرير الدستور ودفع خارطة الطريق إلى الإمام.. ليس بجديد تصدُّرها للمشهد الثورى على مدار التاريخ المصرى وقيادتها لثورتَى 25 يناير و30 يونيو.. ليس غريبًا أن تصبح نسبة مشاركتها وحضورها فى الحياة السياسية فى ازدياد مستمر فى مشهد يمتلئ بالارتباك السياسى.. ليس غريبًا أنها أول من تنبه لخطر الإسلام السياسى بعد عام من الخيبة تحت حكمهم.. فيكفى أن تسأل بائعة الجرجير بالقرب من منزلكم عن رأيها فى الإخوان لتعرف كمّ الوعى الذى اكتسبته المرأة المصرية مع مرور الوقت.
لكن لماذا المرأة؟ كيف تكون هى السبب الأول فى تمرير الدستور رغم أن حقوقها فيه منقوصة؟ ربما لأنها لا تبحث بعاطفة الأبوية والإنجاز مثل الآخرين، وإنما هى دائمًا تبحث عن الأمان.. ربما لأنها تعلم جيدًا أنه عند دمار الوطن ستكون هى الكارت المحروق الأول الذى سيلقى مصير ما تعرضت له نساء العراق على يد الغزو الأمريكى.. ولهذا السبب أصبحت صناعة التاريخ حرفة فى يدها.
أما الشىء المخزى والغريب فعلًا فى هذا المشهد فهو إهانة المرأة وسبّها على يد بعض نشطاء «توتير» والإخوان.. ومعايرتها بأنها تبحث عن الأمان وأنها تختلف فى تكوينها عن الرجل وأنها لا تفهم فى السياسة فلماذا تتدخل فيها.. بل والأعجب اتهامهم لها بالعاهرة ووصفها بأبشع الألفاظ لأنها تزغرد وترقص حبًّا وفرحًا لمصر التى تريدها والتى عادت لها بعد إتمام عملية التصويت!
لقد شكلت المرأة المصرية صدمة وواقعًا مضادًّا لحسابات الإخوان ومن معهم فى الخارج والداخل الذين اعتقدوا أنهم قد استطاعوا إخافتها بالتفجيرات والتهديدات.. لكنهم لم يكونوا يعلمون أنه بذلك قد تم استفزازها فأصبحت مواجهتها مع هؤلاء وهزيمتهم تحديًا حتميًّا صارمًا لها.. كأن تفجيراته ليس لها وجود.. وكأن الرقص والاحتفال بالاستفتاء هو أبلغ ردّ على التفجيرات، وكأنهن يقُلن سنعيش ونتطلع إلى المستقبل رغما عن إرهابكم الذى لن يزيد المصريين إلا إصرارًا على حب الحياة.
وقد ينعكس ما فعلته المرأة المصرية فى الحياة السياسية والثورية بالإيجابية مع مرور الوقت على باقى نساء الدول العربية وتكون السبب فى اختفاء حماقة العادات والتقاليد السيئة المنتشرة فى الوطن العربى وتصحيح الانحرافات التى صنعتها الأنظمة المستبدة على مدار التاريخ، والقضاء على السياسيين الذى تاجروا بحقوقها من أجل أهداف خاصة.. وستكون المرأة هى القاضية على تجار الدين والدم معا... إنها المراة المصرية الى تصنع التاريخ.