كما كان متوقعًا فقد أرسل «الفيفا» خطابًا رسميا لاتحاد الكرة المصرى يستفسر فيه عن مدى صحة تدخل الحكومة فى شؤون الأندية الرياضية، ويطلب تبريرًا واضحا لقرار حل مجالس إدارات أندية: الأهلى والزمالك والترام والشمس والترسانة، وقد أعطى الخطاب مهلة تنتهى فى 5 فبراير القادم لإرسال الرد والتوضيح.
ما أعتقده- وأرجو أن أكون مخطئا- أن الرد سيتضمن أن هذه المجالس كانت معينة من قِبل وزارة الرياضة وانتهت مدة تعيينها فقررت الجهة الإدارية عدم المد، واختارت مجالس إدارات جديدة! سيعتبر هذا الرد اعترافا صريحا بتدخل الدولة فى شؤون الرياضة، وبأن اتحاد الكرة نفسه تسيطر عليه الحكومة، وبالتالى فإن قرار الفيفا الواضح والصريح سيكون وقف مصر عن المشاركة فى جميع البطولات الدولية لحين إشعار آخر.
الكرة الآن فى قدم أكبر مسؤول رياضى فى مصر بحكم منصبه، وهو الوزير طاهر أبو زيد الذى سيكون عليه أن يخرجنا من هذا اليمّ (واللى شبكنا يخلصنا!) .
سيكون أمامه ثلاثة اختيارات لا رابع لها:
1- أن يرفض خطاب الفيفا شكلًا ومضمونًا بدعوى تدخلها فى سيادة الدولة المصرية، وقد يصدر قرارًا بحل مجلس إدارة الفيفا نفسه وتعيين مجلس جديد برئاسة المهندس/ باسل عادل! تفتكروا ممكن يعملها بجد؟
2- أن ينصاع فورًا لأوامر الاتحاد الدولى، ويعلن رسميا عدم تدخله فى شؤون الأندية ويعيد كل مجالس الإدارات التى قام بحلها، وعلى رأسها مجلس ممدوح عباس.
3- أن يزهق من الموقف كله ويتقدم باستقالته (أو أن تتم إقالته.. مش فارقة معايا) وهو ما سيفتح الباب على مصراعيه أمام المصالحة الشاملة مع جميع الأطراف داخليا وخارجيا.
أعتقد أن الاختيار الثالث سيكون هو الأقرب للتنفيذ باعتباره الحل السحرى لمعظم المشكلات الموجودة على الساحة، والتى تسبب فيها أبو زيد بعناده وتدخله فى اللى ليه وفى اللى ما لهوش! لا أدعى أننى أقرأ الطالع أو أننى قريب من مركز صناعة القرار فى مصر، ولكن عدّوا معايا على صوابع أيديكم الأيام (أو الساعات) الباقية لطاهر أبو زيد فى منصبه!
راهنت فى تخمينى على خطورة وضع الرياضة، الحالى الذى يهدد بكارثة محققة، فمصر على أعتاب الإيقاف دوليا وأوليمبيا، والأزمات المحلية أصبحت لا تحصى، ومنها عدم تحديد الجهة المختصة بوضع قانون الرياضة الجديد فأصبحنا أمام جهتين، تقوم كل منهما حاليا بوضع قانون مختلف عن الأخرى! يضاف إلى ذلك أزمة البث التليفزيونى لمباريات الدورى والتشهير بقيادات رياضية كبيرة، بدعوى تورطهم فى مخالفات مالية لا دليل عليها وغيره... وغيره.
كما يقول المثل الشعبى العبقرى: (شيل ده من ده يرتاح ده عن ده).
مشكلة الرياضة فى مصر ترجع إلى عام 53 حينما لم تحدد الدولة فى دستورها ما الوضع القانونى للأندية الرياضية؟
هل هى أندية حكومية مملوكة للدولة التى تتولى إدارتها والإنفاق عليها أم هى أندية أهلية تتمتع بإدارة منفصلة تتولى تدبير شؤونها المالية والإدارية؟ الحقيقة هى أن الوضع (بين البينين) فالدولة تعتبر أن النوادى تبعها، لأنها تملك الأراضى التى أقيمت عليها، ولأنها تدعمها ماليا، ولكن فى نفس الوقت نراها تعترف باستقلالية هذه الأندية وبحق جمعياتها العمومية فى وضع لوائحها الخاصة وانتخاب مجالس إدارتها!
طبعًا الكلام ده ماينفعش وماحدش هايعترف بيه فى العالم.. قانون الرياضة الجديد لا بد أن ينص صراحة على أن الأندية الرياضية الخاصة هى مؤسسات أهلية مستقلة بذاتها ولا تخضع لتوجيهات أو تدخلات حكومية من أى نوع ويقتصر دور الدولة على تقديم دعم مالى وقت الحاجة مع احتفاظها بحق المراجعة المالية فى حالة وجود معلومات موثقة عن فساد أو إهدار للمال العام.
هكذا تدار الرياضة فى أوروبا والدول المتقدمة.. أما فى بلادى فلا يزال العك مستمرًّا!