ليبيا مشكلة أمنية هائلة وعويصة لمصر.. ليست ليبيا فقط فى الحقيقة، بل غزة أيضا كارثة أمنية لمصر، ثم السودان هو الآخر مأزق لا يمكن استمراره بهذا القدر من الخطورة.
لكن تبدو ليبيا الأبرز مع حوادث خطف الدبلوماسيين المصريين هناك مؤخرًا، وهى ليست الحوادث الوحيدة التى تعرض لها المصريون فى هذا البلد الشقيق «حقًّا وصدقًا» الذى يقع تحت احتلال إرهابى كامل عقب غزو أمريكى أوروبى أطلسى لأراضيه بحجة الإطاحة بالقذافى.
الغزو الغربى الاستعمارى الذى تم تحت رعاية الجامعة العربية وبمشاركة من سفاحى قصر الإمارة الملعون فى قطر جعل من ليبيا أرضًا خرابًا يستوطن فيها كل إرهابيى العالم من «القاعدة» حتى الإخوان وتنظيمهم الدولى، وصارت خطرًا يوميا داهمًا على جيرانها، وبالذات مصر بهذه العصابات المموَّلة قطريًّا (يبدو أن الشعب القطرى، رغم طيبته وربما بسبب طيبته وغفلته، صار نخّاس الدم فى وطننا العربى، فحكامهم يمارسون ديكتاتورية حقيرة ضد هذا الشعب الخانع، إضافة إلى تحويل ثروته إلى آبار للدم العربى فى كل بلد. كأن أمراء قطر ينتقمون من قزميتهم بتحويل الدول العربية الكبرى إلى كانوتنات ودويلات، كى تهبط إلى مستوى قصر الإمارة الملعون).
الأهم من هذا أن ليبيا صارت مرتعًا للإرهابيين وأرضًا لتوريد وتصدير الإرهاب إلى مصر، من السلاح المجنون إلى الإرهابيين القتلة السفاحين، وباتت حدودنا مع ليبيا مفتوحة ومنفلتة ومستباحة، وبمثابة أخطر تهديد على أمن وأمان كل مواطن مصرى.
الغريب أن لدينا فى ليبيا أشقاء ومحبين وعشاقًا لمصر، وليس هناك أقرب إلى الشعب المصرى من الشعوب الأربعة التى تعانى كلها من الإرهاب والتقتيل الإجرامى، فإلى جانب الشعب الليبى هناك شعبنا فى السودان وفلسطين وسوريا، ولا أظن أن تحالفًا من الحب ووحدة من المشاعر تجمع شعوبا فى الوطن العربى، كما تجمع هذا الخماسى.
ومع ذلك فلا أخطر على مصر مما يأتينا من إرهاب ليبيا والسودان وغزة والإرهابيين المتجولين من سوريا.
هنا لا بد من الحركة العاجلة الناجزة، فلا أمل على الإطلاق فى الببلاوى وحكومته، فهؤلاء أعجز من أن يلتفتوا إلى هذه الكارثة المحدقة، إذ يتعاملون معها بذات الرقة النيِّئة والطرية التى يتعاملون بها مع الأخطار الداخلية.
ثم إن أجهزتنا التى ترى نفسها سيادية لا نكاد نراها فى أى دور فاعل أو مؤثر هناك، ولا نسمع من أىٍّ من الكتل والتيارات فى هذه الدول شيئًا نقول إنه متضامن أو متفاعل أو منسق مع الدولة المصرية، فهذه مناطق مهجورة مصريًّا لدرجة الإهمال الذى يصل إلى حد الخطيئة.
إن العدو الإسرائيلى لم يتردد فى يوم من الأيام فى الخروج من جغرافيته والذهاب إلى من يعتبرهم إرهابيين فى أقاصى الأرض، كى يتخلصوا منهم.
ثم لماذا نتخذ عدوَّنا مثالًا، بينما مصر نفسها فعلت ما هو أكثر من هذا، حين أدرك جمال عبد الناصر فى زمنه أن الحرب ضد مصر يديرها بعض الهاربين من الخونة والقتلة خارج حدودنا؟!
الحقيقة المؤكدة التى تنتظر قرارًا وطنيًّا مصريًّا حقيقيًّا قويًّا وقادرًا هى أن مصر لن تستطيع محاربة الإرهاب والقضاء عليه داخل حدودها، قبل أن تواجهه خارج الحدود.