القرار «الانتحارى» الذى اتخذة وزير الرياضة بحل مجلس إدارة النادى الأهلى وتحويل أعضائه إلى نيابة الأموال العامة كان أشبه بقنبلة على وشك الانفجار وإحداث عواقب وخيمة لا تُحمد عقباها حتى تدخَّل رئيس الوزراء وأصدر الأمر بتجميد العمل بالقرار لحين دراسته من الناحية القانونية وهى جملة دبلوماسية تعنى عمليا إلغاء القرار!
حتى كتابة هذه السطور لم يتأكد نبأ استقالة طاهر أبو زيد أو إقالته ولكن أعتقد أنها مسألة وقت لا أكثر ولا أقل.. قُضِى الأمر الذى فيه تستفتيان!
أخطاء وتداعيات هذا الفرمان تتلخص فى النقاط التالية:
أولا- قرار إقالة مجلس إدارة أكبر نادٍ فى مصر وإفريقيا -خصوصا وهو مجلس ناجح يتمتع بشعبية كاسحة- يحمل أبعادا اجتماعية وسياسية خطيرة تحتاج إلى رؤية شاملة للموقف وهو ما يتعدى مكانة وزير الرياضة الذى كان يجب عليه أن يعرض الأمر أولا على رئيس الوزراء لإبداء الرأى وأخذ المشورة.
ثانيا- هذا القرار يخالف المادة 75 من الدستور الجديد التى تحظر تدخل الجهات الإدارية فى أعمال الجمعيات الأهلية «النوادى الرياضية» أو إقالة أعضاء مجالس إدارتها دون حكم قضائى نافذ، وأيضا المادة 84 التى تقضى بأن الفصل فى أمور الهيئات الرياضية يخضع للمعايير الدولية التى تمنع تماما التدخل الحكومى سواء بالتعيين أو حل مجالس الإدارات. ادّعى بعض دراويش الوزير بأن قرار الحل لا يخضع للدستور الجديد باعتباره صدر قبل إعلان النتيجة الرسمية على الاستفتاء بنحو ساعتين! لن أدخل فى مهاترات عن قانونية بدء العمل بالدستور منذ انتهى التصويت أو منذ أُعلنت النتيجة فى المؤتمر الصحفى، ولن أكرر أن كل القوانين الدولية القائمة تمنع اتخاذ هذا القرار دون وجود دوافع قانونية دامغة، وسأكتفى فقط باعتباره «انحرافا فى استخدام السلطة» لعلم الوزير المسبق بمواد الدستور الجديد وبالتالى يصبح فى فترة ما يسمى بالريبة التى لا يحق له فيها اتخاذ قرار يخالف بنود الدستور المزمع إقراره.. إذن، القرار باطل شافعى ومالكى وحنفى وحنبلى!
ثالثا- توقيت الإعلان عن القرار يفتقر إلى الحكمة والحس السياسى لأنه جاء قبل ساعات قليلة من حدث تاريخى تمر به البلاد وهو إعلان نتيجة الاستفتاء مما أدى إلى حدوث حالة من البلبلة والتذمر لدى قطاع عريض من الشعب كان يستعدّ للاحتفال كما أنه صدر قبل لحظات من مباراة مهمة لفريق النادى مما كان سيؤدى إلى تشتيت أذهان اللاعبين والجهاز الفنى وبالتالى التأثير على النتيجة.
رابعا- بعض المخالفات التى يستند إليها قرار الإقالة يثير الدهشة! منها ما هو متعلق بكسر درج أحد موظفى اتحاد الكرة للتمكن من قيد اللاعب أحمد عبد الرؤوف ومنها اتهام بأخونة النادى والسير عكس إرادة الشعب! بالذمة والدين اللى كتب المخالفات دى مستشار قانونى والّا نجار مسلح؟ ماذا سيكون رد فعل «الفيفا» واللجنة الأوليمبية الدولية عندما تُعرض عليهما هذه التفاهات؟ أعتقد أنهما سيصدران قرارا بإعطاء شهادة البراءة لمجلس إدارة الأهلى وإصدار آخر بالقبض على مَن كتب هذه الاتهامات!
خامسا- هل الأسماء التى اختارها للتعيين كمجلس إدارة جديد كان يمكن أن تقنع أعضاء الجمعية العمومية للنادى بقبولهم؟ مع كل الاحترام لهم جميعا فإن منهم ثلاثة أو أربعة لا يعلم الكثيرون عنهم أى شىء أما النجم الكبير عادل هيكل فيكفى أن تسمع صوته فى أثناء مداخلاته التليفونية أول من أمس لتعرف حجم المتاعب الصحية التى يعانى منها والتى تمثل علامات استفهام على مدى قدرته على القيام بمهام منصب رئيس النادى.
إصرار الوزير على إصدار هذا القرار رغم كل التحذيرات يثبت أنه حاصل على «دكتواره فى العند» ويؤكد أن مساعديه قد أضلّوه ولم يَدُلّوه!
سنتذكر دائما اللاعب القدير طاهر أبو زيد ولكننا سننسى ونتناسى فورا الوزير طاهر أبو زيد.