ترددت فى الرقم، هل أكتب 73 أم 239؟ لأن 239 هو الرقم، المادة، موضوع الحديث، أما رقم العنوان فستكتشفه فى النهاية، فى حلقة «الحياة اليوم» التى امتدت يوم الأربعاء الماضى حتى الرابعة صباحا فى الاستوديوالتحليلى لنتائج الاستفتاء مع المذيع عمرو عبد الحميد، وكان معى فى التحليل الدكتور محمود العلايلى من المصريين الأحرار.
وتطرق الدكتور محمود إلى بعض سلبيات الدستور التى تحفّظ عليها حزبُه مثل الضرائب التصاعدية، وكذلك النسب الملزمة للحكومة القادمة فى ظل وضع اقتصادى متردٍّ، فتح شهيتى لذكر بعض السلبيات فى الدستور، وقد امتنعت عن ذكر السلبيات قبل وفى أثناء التصويت فى المقابلات التليفزيونية، لأن الإيجابيات مهمة وكثيرة بالفعل، المهم تطرقت إلى المادة 239 التى تقول «يصدر مجلس النواب قانونا بتنظيم قواعد ندب القضاة وأعضاء الجهات والهيئات القضائية، بما يضمن إلغاء الندب الكلى والجزئى لغير الجهات القضائية أو اللجان ذات الاختصاص القضائى أو لإدارة شؤون العدالة أو الإشراف على الانتخابات، وذلك خلال مدة لا تتجاوز خمس سنوات من تاريخ العمل بهذا الدستور.
وتعجبت وقلت كيف تترك لجنة الخمسين فترة الخمس سنوات كاملة لهذا الندب، رغم أنه كان مطلب القضاة، قبل أن يكون مطلب الثورة، لأن الندب للوزارات والجهات المدنية، ضد استقلال القضاة، ويجنح للتحيز ويؤثر فى الحياد، وذكرت على الهواء أننى ناقشت أحد أعضاء لجنة الخمسين، فقال لى، المادة دى حصل فيها خناقات كتير، واضطررنا إلى تمريرها، مما أشعرنى بأن هناك ابتزازًا قد حدث.
وفى نهاية الفترة التحليلية، حدثت مداخلة مع أحد المستشارين الأجلاء، وبعد أن ذكر نتيجة دائرته، تحفّظ على ما قلته وذكرته، خصوصا لفظ التحيز، وقدمت اعتذارًا عن اللفظ فى نهاية الحلقة، وحاولت تبرير موقفى بأننى لا أقصد عموم القضاة، ولكنى أوضحت أننى قصدت، أن الابتزاز حدث من داخل اللجنة ممن لا أعرفهم، ولكن المستشار اندفع مبررًا، وقال إن القاضى محايد وموضوعى على الدوام، وإنه وحتى فى حالة انتدابه، فإنه لا يتخلى عن موضوعيته، وبعدين الموضوع مضخم، ده كل المنتدبين 73 قاضيا من عموم أربعة عشر ألف قاضٍ.
وهنا يجب التأكيد على فكرة بشرية القضاة، التى لا أظن أن أحدًا ينكرها. ثانيا من المعلوم أن هناك قضاة يقضون عقوبة السجن، بسبب قضايا رشوة وخلافه، هو عدد قليل بالتأكيد، ولكنّ هم فى النهاية موجودون.
النقطة الثانية، لماذا يوجد ما يسمى التفتيش القضائى، إذا كنا نتعامل مع مجموعة من الملائكة؟ ثانيا: هل نسينا «قضاة من أجل مصر» والنائب العام الماضى وهو يحقَّق معه الآن، وآخرون، أليسوا قضاة؟! ثالثا: كان هذا مطلب القضاة ومطلب الثورة فى وقت واحد، خصوصا أن الوزارات المدنية لها جيش من المحامين والمستشارين الكبار والحاصلين على الدكتوراه فى القانون، فليتخيروا منهم، ماحبكتش يعنى، ياخدوا قضاة مستشارين.
القضية الثالثة والأهم على الإطلاق، ما ذكره المستشار على الهواء، من أنهم 73 فقط، هذا عذر أقبح من ذنب، من هؤلاء الـ«73» وما قوة نفوذهم الكبير، الذى أثر فى لجنة الخمسين بتلك القوة، كى تخرج مادة مجاملة لهم؟ (هذا دور المخبر الصحفى وليس دور كاتب غلبان مثلى). وهل يحق لنا الاطلاع على مضابط مناقشة هذه المادة، لنرى المداولات والخناقات والتعليقات والتبريرات، لنرى من قال ماذا، ولماذا، وهل نحتاج إلى تعليق الأستاذ عمرو موسى: هذه الوثيقة ستظل حجة لنا أو علينا، لأنها مواد كتبت ونوقشت، وتم التصويت عليها داخل اللجنة أولا، ومن الشعب المصرى ثانيا، ولكن الشعب المصرى صوّت على المجمل، لا على التفاصيل، لأنه لم يكن يصوت تصويتا انتقائيا، ولكن التصويت كان على المجمل.
ولكن من حقنا الآن أن نعرف جزءًا من التفاصيل، وأن نطّلع على بعض الكواليس، وإذا كانت المادة تتحدث عن عدم تجاوز الخمس سنوات، فإنها تعنى أن من حقنا أن نجعلها أقل، فقد وضعت حدًّا أقصى ولم تضع حدًّا أدنى، فأتمنى أن نأخذ بالحد الأدنى، لنحسم هذا الجدل، ولمصلحة القضاة أيضا، فمن غير العدل أن يأخذ القاضى عدة آلاف من الجنيهات، وزميله وربما دفعته، ولظروف لا نعلمها، يتقاضى مئات الألوف من الجنيهات، كمستشار لإحدى الجهات المدنية.
لا بد أن نحدد طريقنا المقبل، هل نحن مقبلون على محاربة الفساد والشفافية وتكافؤ الفرص؟ أو عودة لنفس النظام الجديد بوجوه جديدة؟ ارحمونا يرحمكم الله.