من أكثر البرامج الحوارية التليفزيونية التى أرى أنها تتمتع بالحيوية التى نفتقر إليها فى كثير من البرامج برنامج «ساعة مصرية» الذى يُقدَّم على قناة «روتانا» بمقدمه المتميز تامر أمين، وأهم ما يميزه من البرامج الأخرى أن مدته ساعة فقط، وهذه مدة كافية لأن تخرج بفائدة دون ملل ولا إطالة، ويتميز البرنامج أيضًا بتعدد الآراء من ضيوفه مما يجعله يفوح منه على الدوام رائحة الحيوية، وأنا أرى أن اختيار الضيوف بتنوُّع اتجاهاتهم السياسية المختلفة أعطى مثالًا محترَمًا للساحة الإعلامية على كيفية إقامة حوار على مستوى جيد، وإن كان فى بعض الأوقات لطبيعة الموضوعات الساخنة وطبيعة الضيوف يخرج بعض الشىء بصورة صادمة للمشاهدين الذين لم يتعودوا مثل هذه الحوارات، ثم لا بد هنا أن نُشِيدَ بدور مقدِّم البرنامج تامر أمين، فالحقيقة التى لا بد أن يعترف بها خصومه قبل محبيه أنه يدير الحوار بطريقة محترفة وجيدة من حيث إعطاء الفرصة الكاملة للضيوف لإبداء الرأى، وأيضًا التدخل فى الوقت المناسب لوقف المتجاوز وأيضًا فك الاشتباك، بخاصة أن الضيوف يمثلون اتجاهات مختلفة سياسيًّا لدرجة ملحوظة، ثم لا بد أن نعترف لتامر أمين بالذكاء فى نجاحه فى تخطِّى مشكلته الكبيرة فى اتهام البعض له بأنه من الفلول بسبب برنامجه فى التليفزيون المصرى «البيت بيتك» وكونه استعاد ثقة مشاهديه بصورة جيدة بعد حملات تشويهه، والحقيقة التى لا يمكن أن ينكرها أحد أن برنامج «ساعة مصرية» قد أضاف الكثير والكثير للأحزاب والتيارات التى قد تم تمثيلها فى البرنامج، وبخاصة التيار الدينى الممثل فى السلفين وممثلى حزب مصر القوية أو كما يطلق عليه البعض «مصر الطرية»، وأيضًا قدم خدمة كبيرة للجماهير المصرية أنه كشف لهم حقيقة الإخوان من خلال ممثليهم فى البرنامج قبل سقوطهم الذريع فى 30 يونيو، والإضافة التى قدَّمها لنا البرنامج هو الوجه الغائب عنا عن السلفيين، والحقيقة التى لا يمكن إنكارها أن ممثلى السلفين بالبرنامج على اختلاف أشخاصهم قدموا لنا صورة عن حزب النور أقل ما تُوصَف به أنها جيدة، مع الصورة التى كانت فى أذهان كثيرين أنهم مستحدثو سياسة ويتميزون بالبراءة السياسية ولا يحملون أى احترافية فى التعبير عن آرائهم، إذا بنا نكتشف أن حزب النور يملك القيادات الشابة الواعدة التى تمتلك من الوعى والإلمام بما يدور فى مصر بصورة جيدة ويمتلكون من أدوات السياسة الكثير والكثير، والحقيقة التى لا يمكن إنكارها أن ممثلى السلفيين فى «ساعة مصرية» قد فازوا على ممثلى الإخوان ومصر القوية، لا بالنقاط ولكن بالقاضية من حيث امتلاك الرؤية السياسية الواضحة والتعبير عنها بكل سلاسة ووضوح، وأظن أن حزب النور قد اكتسب أرضية سياسية كبيرة فى مواقفه الأخيرة على الساحة وعبّر عنها ممثلوه بكل قوة ووضوح فى برنامج «ساعة مصرية»، ولكن الحقيقة المفاجئة فى البرنامج هى ممثلو حزب مصر القوية، ولا أعرف إلى الآن ما السر فى محاولة إظهار حزبهم بهذه القوة المزعومة، وعن اجتماعاتهم الهامة والخطيرة التى ينتظرها الشعب على أحرَّ من الجمر والتى سوف تؤثر بما لا يدع مجالًا للشك فى الحياة السياسية المصرية، وأن اشتراكهم فى الاستفتاء الأخير معناه إضافة ما بعدها إضافة، وأن القبض على أربعة من أعضاء الحزب من جهات الأمن بسبب توزيع منشورات تحضّ على «لا للدستور» مع أن الجميع أدانوه، ولكن ممثلى الحزب بالبرنامج كانوا يريدون أن يوقفوا الدنيا من أجل ذلك على اعتبار أن القبض على أربعة من ذويهم معناه أننا فى أضحوكة ديمقراطية، والغريب والطريف أنه تم الإفراج عنهم بعد 24 ساعة، ومع ذلك ظل ممثلو الحزب بالبرنامج يبتزون ممثلى الاتجاهات السياسية الأخرى فى البرنامج بتلك الواقعة عدة أيام، وأن الأستاذ الكبير سعد هجرس ممثل اليسار بالبرنامج قد كشف حجم حزب مصر القوية بكشفه تعداد أعضائه الذى لا يتجاوز 4 آﻻف عضو، وهو رقم هزيل فى حجم عضوية أى حزب سياسى. ظل ممثلو الحزب بيتشدقون بقوة الحزب وقواعده بصورة تدعو إلى الرثاء، والذى يدعوا إلى العجب فى تصرفات وأفعال هذا الحزب المنصبّة دائمًا فى اتجاه الإخوان أنهم يتشدقون دائمًا بأنهم منفصلون عنهم، وأى طفل سياسى مراقب يكتشف من الوهلة الأولى أن حزب مصر القوية ما هو إلا حزب الإخوان بشرطة، ولكن من المهم أن نتساءل عن تلك القوة التى يتشدق بها هؤلاء فى الوقت الذى لا نرى فيه لهم وزنًا فى الشارع ولا وجودًا ملموسًا إلا فى برنامج «ساعة مصرية»، ولنتذكر الدرس القاسى الذى أعطاه الشعب المصرى لرئيس هذا الحزب فى الانتخابات الرئاسية بعد شغفه بنفسه وتخيُّله أنه قادر على استغفال الشعب بتقديم نفسه على أنه مرشح يجمع بين أطياف الشعب، ولا أجد فى نفسى فى النهاية إلا تقديم التحية والتقدير للأستاذ سعد هجرس على تلك الآراء البناءة والثرية والثورية التى يمنحنا إياها فى «ساعة مصرية». إن عبقرية المصريين تنطبق على هذا الرجل بثقافته ووعيه بمشكلات بلده والتعبير عنها بكل قوة ووعى. تحية لصُنَّاع «ساعة مصرية» من مُعِدِّين وفنيين، وتحية واجبة لمقدِّمه تامر أمين.
«ساعة مصرية» وحزب مصر الطريَّة
مقالات -
نشر:
18/1/2014 7:03 ص
–
تحديث
18/1/2014 7:03 ص