كتب أحد العلماء الكبار فى مذكراته العلمية يقول «لو قال لك أحدهم إن مجموع واحد زائد واحد يساوى اثنين يا حمار، فغضبت أنت ورفضت مقولته، لمجرّد أنه قال (يا حمار) فأنت تثبت بهذا أنك بالفعل حمار، لأن مجموع واحد زائد واحد سيظل اثنين، حتى لو خبطت رأسك فى ألف ألف جدار».. الفكرة هنا فى صحة الأمر من عدمه، وليس فى غضبك أو انبساطك.. أى أنك، لو كنت عاقلًا، ستنظر إلى الحقيقة لا إلى الانفعال، فإن فعلت العكس فأنت إما فاشل أو تافه، لأنك سيّدت أعصابك على عقلك.. ومن جانب آخر، قال أحد قدامى الحكماء «الأحمق هو مَن يفقأ عينه، لينتقم من الآخرين أو يشعرهم بالندم، فيتجاوزون هم مشاعرهم بعد بعض الوقت، ويظل هو مفقوء العين إلى الأبد».. ماذا نستخلص من هذا وذاك؟! أن العبرة دومًا بالمضمون لا المنطوق، وهذه الخلاصة أهديها إلى البعض الذين يهاجمون الاستفتاء على الدستور، ويقرّرون مقاطعته، لأسباب لا صلة لها بأى بند من بنود الدستور.. فقط حتى يتظاهرون بأنهم أصحاب مبدأ، وليداروا عجزهم وخوفهم وجبنهم وسلبيتهم!المدهش أنك تجد هؤلاء دومًا كثيرى الشكوى والغضب والتبرّم من كل شىء، على الرغم من رفضهم المساهمة بأى شىء.. اختاروا أن يكونوا عبيدًا لمن يختارون لهم، لا سادة يختارون بأنفسهم لأنفسهم.. وهم عبيد مزعجون، أشبه بالطفل الغبى العنيد، الذى يتخاذل عن فعل أى شىء، ويشكو من عدم رضاه عن كل شىء! الذى تعلّمته فى حياتى أنه مَن لا يعطى لا يستحق أن يأخذ، وأنه فى الحياة إما أن تكون أو لا تكون، فإن كنت فأنت سيّد، وإن لم تكن فأنت عبد، رضيت أم لم ترضَ، وستدوسك الأقدام حتمًا، رضيت أيضًا أم لم ترضَ.. الاستفتاء على الدستور ليس اختيارًا لمسار دولة، بل هو اختيار لمسار حياتك ومستقبلك، أنت وأولادك وأحفادك.. اختيار بأن تكونوا سادة أو عبيدًا.. ليس المهم ماذا تقول.. ليس المهم أن توافق أو ترفض.. المهم أن تكون سيدًا مرفوع الرأس، قال كلمته فى مستقبل وطنه، لا عبدًا انزوى فى ركن، وترك السادى يقرّرون مصيره.. والدستور ليس قرآنًا، ويستحيل أن توافق على مواده بنسبة مئة فى المئة.. ولأنه ليس قرآنًا، فمواده قابلة للتعديل مع تطوّرات الزمن.. وأيضًا بموافقتك أو رفضك (لو كنت سيّدًا).. المهم أن تقول رأيك.. أنا مصاب بإعاقة حركية مؤقّتة، ولكن ذلك لن يمنعنى من أن أذهب للإدلاء بصوتى.. وسأقول نعم.. سأقولها بأعلى صوتى، الذى هو أمانة فى عنقى تجاه وطنى، الذى يسعى بعض السفلة لهدمه.. سأقول نعم من أجل وطنى.. من أجل مصر.. مصرى، ومصر أولادى وأحفادى.. سأقول نعم لأننى قنعت بهذا الدستور كبداية انطلاق لمستقبل وطنى مصر.. مصر التى فى خاطرى وفى دمى.. سأقول نعم بقلمى، وقلبى، وعقلى، وروحى، ومشاعرى، وكيانى كله.. وليمت كل مَن يريد بوطنى السوء، ولتحيا مصر.. تحيا مصر.. تحيا مصر.. إلى الأبد.
نبيل فاروق يكتب: حاقول نعم «3»
مقالات -
د. نبيل فاروق