حتى الآن لم ينجح الذين يديرون شؤون البلاد فى نقل ما حدث فى مصر بثورة 30 يونيو وما بعدها إلى دول العالم بشكل حقيقى يعبر عما أراده الشعب.
.. فما زالت المعلومات مغلوطة لدى دول كبيرة ومؤثرة..
.. وهو الأمر الذى يشجع بعض المصريين فى تلك البلدان على التهجم على مؤسسات وشخصيات مصرية وينجح فى الغالب بإلغاء ندوات.. وتقتحم قنصليات.. فضلا عن إطلاق الشائعات والأكاذيب المضللة التى تثير الجدل بين الجاليات المصرية نفسها، والرأى العام وحكومات تلك الدول.
.. ولعل ما يحدث فى الداخل من ارتباك حكومى وبطء وتباطؤ فى اتخاذ القرارات ينعكس تماما على الخارج..
.. أضف إلى ذلك الفشل فى استخدام الإمكانات والشخصيات المصرية ذات التأثير فى صنع رأى عام بين الجاليات المصرية وبين النخب ذات التأثير فى تلك المجتمعات..
.. فحتى الآن هناك فشل لوزارة الخارجية ودبلوماسييها مع احترامنا الشديد لوزير الخارجية نبيل فهمى ومجهوداته وزياراته المتعددة لبعض الدول، الذى يسعى إلى تحسين الصورة فى لقاءاته ومقابلاته.. لكن هناك دبلوماسيين.. كأنهم خلايا نائمة لا يسعون إلى فعل شىء..
..فضلا عن غياب الرؤية فى التعامل مع تلك الدول.. واكتشاف مناطق التأثير فى جماعات الضغط والإعلام الغربى.. وهو الأمر الذى نجح الإخوان فى اختراقه من خلال عام حكمهم.. ولا زال لهم تأثير حتى الآن..
.. فبالله عليكم لماذا لا تتم الاستعانة بشخصية مثل البروفيسور مجدى يعقوب، الذى تم تكريمه مؤخرا من بريطانيا وملكيتها بأرفع الأوسمة.. وهو الذى شارك فى دستور ثورة 30 يونيو من خلال عضويته فى لجنة الخمسين.. وذلك بعقْد لقاءات فى بريطانيا مع نخب سياسية وقيادات حزبية بريطانية.. فضلا عن الجالية المصرية، التى بدت غائبة تماما عن المشهد.. والدفع بشخصيات موثرة منها يمكن أن تساعد الدبلوماسية المصرية فى شرح ما جرى فى مصر وطموح الشعب المصرى فى ديمقراطيته ودولة القانون.. وليس فى ديمقراطية الإخوان ودولتهم!!
.. وإذا بحثنا عن شخصيات مصرية أخرى فى بريطانيا سنجد الكثير، ولهم التأثير والحضور.
.. ولا يعقل مثلا أن تتم الاستعانة بالدكتور فاروق الباز فى إعلانات للتصويت بنعم للدستور داخل مصر.. فى وقت لا نستعين به وبغيره لنقل الصورة الصحيحة داخل المجتمع الأمريكى وصحافته وإعلامه الذى يحرض بشكل يومى على الوضع فى مصر الآن، ويشيع حالة الانقلاب بديلا عن طموحات الشعب وحقه فى تقرير مصيره، ونظام حكمه وثورته على الإخوان الذين ينشرون الإرهاب والترويع الآن.. فى ظل تواطؤ من ذلك الإعلام.
أضف إلى ذلك غياب «القوى الناعمة» التى كان لها تأثير كبير على شعوب العام عندما كان لدى البلاد كفاءات وتحرص على وطنيتها والدفاع عن حق البلاد أمام العالم وتستطيع مجابهة ذلك..
.. ولعل ذلك يذكرنا بما كانت تفعله تلك القوى الناعمة من فنانين ومثقفين عندما تعرضت مصر لما يحدث الآن بعد ثورة 1952 والاعتداء الثلاثى على مصر وبعد هزيمة 1967.. ولعل ما كانت تفعله أم كلثوم فى حفلاتها الخارجية كان أكبر دعاية لمصر ونظامها واستقرارها والتفاف الشعب حول قياداته رغم النكسة والدعاية السوداء والمضللة من مصريين خرجوا عن الإجماع الوطنى وحاولوا الاستعانة بالغرب لإحداث القلقلة والاضطراب «وهو نفس ما يحدث الآن من الإخوان وحلفائهم».
.. فلم نرَ أى مبادرة من فنانين مصريين أو مثقفين، مكتفين بالتهليل فى الداخل والحنين إلى عصر حبيب العادلى فى الداخلية؟!
إنه غياب آخر لتلك القوى الناعمة بعد أن جرى إفسادها أيضا خلال عصر مبارك.. وأصبحت تسعى هى الأخرى إلى مصالحها الشخصية.
أيضا فشل الذين يديرون البلاد فى الاستعانة بالأصدقاء من الدول فى نقل الصورة الصحيحة والتدخل عند الضرورة.. ولعل الموقف السعودى من فرنسا مع ثورة 30 يونيو كان يجب استغلاله والبناء عليه فى نقل الصورة.
.. بالطبع هناك فرصة جديدة للخروج من هذا الفشل واستعادة الدور المصرى فى العالم بعد إقرار الدستور، لتكون هناك أسباب واضحة فى أن الشعب المصرى يريد ديمقراطية ودستور وحرية ولايريد إرهاب الإخوان.