سامى: الدستور كفل حياةً كريمةً للمواطنين وعدم انتظار المساعدات والهبات
أقل من ثلاثة أسابيع وتهل علينا الذكرى الثالثة لثورة 25 يناير، لكن هذا العام تأتى ذكراها فى أجواء مختلفة عن العامين السابقين، فهناك هجوم تتعرض له، ومحاولات تشويه لها ولدورها العظيم فى إعادة الوعى والحماس والأمل لدى المصريين،
ويحاول البعض أن يختزلها فى مجموعة من الشباب ممن شاركوا فيها، الذين ظهرت لهم الآن تسجيلات -إن صحت- تجعلهم فى موضع الشبهات والتآمر والحصول على تمويل من الخارج،
وساعد على ذلك أن عددًا من هؤلاء الشباب تصدروا المشهد، وأصبحوا نجومًا بعد أن حاولوا هم أيضًا احتكار الثورة لأنفسهم والتحدث باسمها، وكأنهم أصحابها ومفجروها بمفردهم، وهؤلاء تم تشويههم على مدى الفترات الماضية لدى المواطنين البسطاء، وزاد الأمر بعد تسريب التسجيلات لهم حتى إن الشعور العام أصبح ضد مسميات النشطاء والثوار عمومًا سواء كان الشرفاء منهم أو المشتبه فيهم،
وبقصد تام فإن الحملة ضد هؤلاء لا تفصل بينهم وبين الثورة، حتى إن هناك من يطلق عليها (نكسة 25 يناير)، ويسميها آخرون (ورطة 25 يناير)، ويلصق جزء ثالث بها مسمى (فوضى 25 يناير)، ويضاف إلى ذلك رغبة البعض فى إلصاق الإخوان بها، والإيحاء بأنهم صانعوها من بدايتها إلى نهايتها، رغم أن ذلك ليس صحيحًا، فالإخوان لم يشعلوا الثورة وفوجئوا بها، ولم يكن فى خيالهم نجاحها، صحيح أنهم ركبوها وسرقوها، واستفادوا منها، لأنهم كانوا الفصيل الوحيد المنظم، وسط موات الأحزاب والقوى السياسية الأخرى، وبسبب عدم وجود تنظيم للجماهير التى شاركت فى الثورة بعفوية قل أن تتكرر،
وساهم فى ذلك أن المجلس العسكرى الذى تولى حكم البلاد بعد تنحى مبارك وسقوط نظامه، استنام لفكرة أن الإخوان هم الفصيل القوى والقادر على تحريك الشارع، وهو أمر غير صحيح، لكن هذا الاعتقاد الخاطئ وسواء بعمد أو بجهل جعل المجلس العسكرى يسلم البلد للإخوان، وهو أمر لا علاقة للثورة به، ولا يمس الجموع التى خرجت تطالب بإسقاط النظام، وبالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية،
فالشعب هو من قام بالثورة، وأعطاها زخمها وتفردها، وهل ينسى أحد الـ17 يومًا التى تجسدت فيها الجنة فى ميدان التحرير، ومن يستطيع أن يتجاهل تلاحم المصريين من كل الفئات، والأعمار، عندما أصبح الكل فى واحد، مسلمين ومسيحيين، عمال وفلاحين وطلبة، رجال ونساء، شيوخ وشباب، فقراء وأغنياء، وقتها قال الرئيس الأمريكى أوباما «يجب أن يتعلم أولادنا فى المدارس الثورة المصرية».
إذن ليس ذنب هذه الثورة أنها اختطفت، أو حاول الانتهازيون استغلالها لمصلحتهم، فهذا دائمًا قدر الثورات، ولعل الهجوم المتواصل على ثورة 25 يناير يدفعنا للتساؤل: هل سنحتفل هذا العام بها؟
فى العامين الماضيين (2012 و2013) كانت الاحتفالات بهذه الثورة رسميةً وشعبيةً، وفى الذكرى الأولى لها قرر المجلس العسكرى الحاكم للبلاد وقتها إنه عيد قومى، وتم عمل احتفالات برعاية القوات المسلحة، واستمرت الاحتفالات الرسمية فى الذكرى الثانية، حتى إنه تم الإفراج عن عدد من المساجين أسوةً بما يحدث فى ذكرى ثورة يوليو، كما قام عدد من السفارات المصرية فى الخارج بعمل حفلات فى مقرها، أما على المستوى الشعبى فقد امتلأ ميدان التحرير بالمحتفلين الذين قدموا أعمالًا فنية، وأهازيج، وأغانى، وكرنفالات، وتكرر الأمر فى عديد من المحافظات، فهل سيتم الاحتفال بها هذا العام؟
إننى أرجو أن لا نمحو من تاريخنا وذاكرتنا هذه الثورة المجيدة، التى لولاها ما كانت ثورة 30 يونيو، والتى تعتبر المتممة لها، وأتمنى أن يستمر الاحتفال بذكراها، وأن يتوقف الهجوم عليها، مع محاسبة المتمسحين بها طالما ثبتت عليهم تهمة الخيانة، فلا أحد يمثلها، ولا يعبر عنها، حتى وإن طفوا على وجهها، فقد كانت ثورة شعب وستظل ثورة شعب.