كانت القبائل القديمة تصنع آلهة من العجوة لكى تعبدها، وعندما يستبد بها الإحساس بالجوع تأكلها، ألا تجد شبها بين هذه الآلهة وبين نجومنا؟ إنهم من صنع البشر يعبدونهم وبعد أن ينتهى عمرهم الافتراضى يلتهمونهم، حتى يتسنى لهم أن يخلقوا آلهة أخرى.
أعاود مرة أخرى إلقاء نظرة على سينما 2013، أُطل عليها من زاوية نجوم الشباك، بدأ الموسم بنجم متحقق وهو أحمد حلمى فى فيلم «على جثتى»، محمد بكير، وانتهى مع نجم من نفس الجيل خالد أبو النجا فى «فيلا 69»، آيتن أمين، وتخلل العام أحدث صيحة فى النجوم محمد رمضان فى «قلب الأسد»، كريم السبكى، وكان له نصيب الأسد فى شباك التذاكر، المنتج السبكى هو المحرك لرمضان، فلا يزال لديه معادلة وطبخة جاهزة يعتقد أنه الوحيد الذى يعرف السر ويفك الشفرة، ولكن الأمر لن يستمر طويلا، سيتمرد رمضان على السبكى، وسيجد منتجا آخر يمنحه أجرا أعلى ومعادلة مختلفة.
حلمى وأبو النجا شاركا فى إنتاج الفيلمين وهما بحساب الورقة والقلم لم يحققا الإيرادات المتوقعة.
يجمع بين حلمى وأبو النجا أن كلا منهما صاحب عقل يقظ، حلمى مقيد أكثر بشباك التذاكر فهو يعلم أن قوته الضاربة تتحقق كلما ارتفع مؤشر الرقم، خالد لديه معادلة مختلفة، اكتفى بالقليل من الأجر إلا أنه ومع مرور الزمن ستجد أنه فى رصيده العدد الأكبر من الأفلام الهامة فى تاريخ هذا الجيل، فهو البديل الجاهز دائما عندما يتعذر الاتفاق مع نجم ممن يحصلون على الأصفار الستة، لا يزال أبو النجا لم يتجاوز خانة الأصفار الخمسة، وهكذا مثلا وجدناه هذا العام انضم إلى «فيلا 69» بعد تعثر المفاوضات مع محمود حميدة ثم ممدوح عبد العليم بسبب الأجر.
حلمى أخفق ولكن يشفع له أنه حاول المغامرة فى «على جثتى» بفكرة مغايرة، لم تتوفر له الحماية الفنية مثل فيلمه السابق «إكس لارج»، الذى حطم من خلاله الشائع والمتوقع بسيناريو كتبه أيمن بهجت قمر بحرفية وإحساس، وكان معه مخرج بحجم شريف عرفة، فكانت الشاشة قادرة على الجذب. إخفاق حلمى يحميه رصيده الجماهيرى السابق، فهو لا يزال الأول فى المعادلة السينمائية، بينما مثلا إخفاق محمد سعد فى «تتح» لن ينقذه شىء بعد نفاد الرصيد.
أبو النجا الخبر السيئ أنه لم ولن يصبح نجم شباك، الخبر السعيد أنه سيظل على الخريطة، لفترة زمنية أطول من أقرانه، فهو فنان قابل للتشكيل على عكس العدد الأكبر من نجوم الشباك الذين تمت قولبتهم فى تفاصيل محددة يعيدون فى كل مرة تدوير نفس البضاعة.
وفى الجعبة أسماء لنجوم يقفون فى المنتصف مثل الخالدان الصاوى وصالح، التقيا معا فى «الحرامى والعبيط» لمحمد مصطفى، ولكن القدرة على الجذب الجماهيرى لم تتحقق لأى منهما، وهما مدركان لمتغيرات السوق، ولهذا يوجدان بمساحات أقل فى الأعمال الفنية الأخرى لنجوم لهم صدى أكبر فى الشباك، صالح لعب بطولة «فبراير الأسود» لمحمد أمين والتجربة لم تسفر عن أى نجاح فنى أو تجارى. كانت هناك هذا العام محاولة لخلق نجمين حسن الرداد فى «نظرية عمتى»، أكرم فريد، ومحمد فراج فى «هرج ومرج»، نادين خان، و«القشاش»، إسماعيل فاروق، الرداد ممثل موهوب ولكن الكوميديا يظلمها وتظلمه، إلا أنه مصر على المضىّ قدما فى هذا الاتجاه مهما كانت العواقب وخيمة.
محمد فراج فى «هرج ومرج» لم يحقق أى تماسّ مع الجمهور، بينما فى «القشاش» كان هناك رقم، وهو بالتأكيد ليس جمهور فراج ولا حورية فرغلى التى شاركته البطولة، إنه جمهور صافينار الراقصة الأرمنية التى هزت الشباك وهزت مصر كلها.
وهكذا نجد أمامنا هذا العام نجوما قابلة للالتهام بعد أن انتهت فترة صلاحيتها وعلى رأسها محمد سعد، ونجما صار يملك جاذبية جماهيرية لا تحتمل التشكيك، محمد رمضان، ونجوما أقرب إلى كذابى الزفة مثل خالد النبوى فى «المواطن»، لا رقم فى الشباك ولا إبداع على الشاشة، ولكنهم متحققون بغزارة مفرطة فى أجهزة الإعلام وعلى أوراق الجرائد!!