صديقي العزيز
أعلم أنك غاضب مني لأني لا أرد على إتصالاتك المتكررة في اليومين الماضيين، فأنا أعلم أنك تتصل بي من أجل الإطمئنان علي، لأننا لم نتقابل منذ يومين ولم تراني في الشارع رغم أننا جيران منذ عشرون عاماً، كما أننا زملاء دراسة لعشرة أعوام كاملة، غير أن والدك صديق والدي ووالدتك زميلة والدتي في العمل وأخيك الأكبر صديق أخي وزميل دراسته.
أكتب إليك رسالتي هذه أولاً؛ لأطمئنك على نفسي، وفي الأخير؛ لأني لا أستطيع أن أقول لك ما أبغي قوله وجهاً لوجه، فهذه هي المرة الأولى التي أشعر فيها بالحرج عندما أتحدث إليك.. لكن الأمر جلل وأرجو أن تقدر موقفي وتتفهم ظروفي.
رغم إختلافنا في الأراء وفي طريقة التفكير في الفترة الأخيرة بعد ثورة ٢٥ يناير التي قضينا لياليها في ميدان واحد، ثم إختلفنا بسبب جماعتك التي تنتمي إليها.. إلا أننا لم نتخلى عن صداقتنا، فكنا نتقابل يومياً لنتناقش ونتجادل وأحياناً نتنابذ بالألقاب، إلا أننا لم تفرقنا السياسة وظللت صديقي، وعندما إتخذت قرارك بالإعتصام في «رابعة العدوية» مع جماعتك التي تنتمي إليها، كنت أتصل بك لأطمئن عليك رغم أني كنت في المعسكر الأخر معتصماً أمام قصر «الإتحادية».. حتى بعد عزل مرسي ظللنا على صداقتنا هذه رغم كل هذه الظروف المحيطة بنا.
أنت الأن في نظر الدولة «إرهابي» ومطلوب القبض عليك ومعرض لهذا في أي لحظة، وبرغم أني متأكد من أنك بريء تماماً من هذا التوصيف وأنك لست من دعاة العنف لأنك إنسان مسالم بالفطرة.. إلا أنك تعلم أن حكومتنا لا تعترف بهذا، فهي لا تعترف سوى بأنك منتمي إلى جماعة أصدرت منذ يومين قراراً بوصفها جماعة إرهابية تهدف لإستخدام القوة والعنف والتهديد وترويع الأمنين تنفيذًا لمشروع إجرامي بهدف الإخلال بالنظام العام وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر، وتعمل على إيذاء الأشخاص وإلقاء الرعب بينهم وتعريض حياتهم وحرياتهم وأمنهم للخطر، وتعمل على إلحاق الضرر بالبيئة والاتصالات والمواصلات وبالأموال وبالمباني وبالأملاك العامة والخاصة، وتمنع ممارسة السلطات العامة دور العبادة ومعاهد العلم لأعمالها، وتعطيل تطبيق الدستور والقوانين واللوائح.
لا وقت للجدال الأن في الحديث عن مدى مطابقة هذا القرار للوصف الصحيح لجماعتك فقد فات الميعاد على هذا.. الحديث هنا؛ ماذا سأفعل لو قبض عليك وأنت تجلس معي؟!
من المؤكد أنهم لن يتركوني.. فإذا استطعت أن أبرئ نفسي من تهمة أني إرهابي.. فلن أستطيع أن أبرئ نفسي من تهمة الجلوس مع إرهابي، وكما تعلم لدي طفل حديث الولادة وحاله كحال كل أطفال هذا البلد لم يرتكبوا جرماً سوى أنهم أبناءنا، هذا الطفل أريد أن أعطيه الحق الأدنى من حقوقه وهو أن يتربى بجوار إبيه وأمه، وأرجوك أن تنظر إلى الشق الإيجابي في هذا وهو أنك إذا قبض عليك فسوف تكون مطمئناً بعض الشيء لأن صديقك سيبذل قصارى جهده من الإهتمام بأطفالك حتى تعود إليهم بسلام.. هذا إن عدت!.. أما إذا كنت رفيقك في السجن فبمن تستجير الأسرتين المنكوبتين.
كل ما أتمناه الأن إليك أن تمر هذه المرحلة الصعبة من عمر الوطن وأنت مع أسرتك الكريمة.
وقي الله مصر، وحماها من كل شر.
صديقك المخلص.
ملحوظة: إذا تم القبض عليك لا قدر الله.. فأرجوك أن تكون على يقين.. لست أنا من بلغت.