لعل الإصرار على حضور أو استحضار رموز الحزب الوطنى المنحل من رجال مبارك مباشرة، أو المتعاونين معه ولعبوا دور المعارضة المستأنسة تحت سيطرة جهاز أمن الدولة المنحل، فى المشهد السياسى الحالى، وعن طريق محللين انكشفوا أيضا رغم أنهم مكشوفون دوما، قد يؤدى إلى الشوشرة على المشهد من جانب، وقد يثير غضب الثورتين وأهليهما، وقد يؤدى إلى إعاقة التطور الطبيعى للثورتين أو تأجيل حسم المسار الثورى، إلا أن المؤكد، وفقا لقراءة تطورات الثورات، أن مصير هؤلاء جميعا صندوق قمامة التاريخ.
فهناك من يستحضرهم فى وسائل الإعلام الرسمية (صحافة- إذاعة- تليفزيون)، والغرض الخفى هو خصم الثورة الأولى «25 يناير 2011» وعمرها «عامان ونصف العام» من صفحات التاريخ، وكأن الذى قامت بها جماعة الإخوان الإرهابية، والغرض الظاهر أن هؤلاء قد شاركوا فى إسقاط الإخوان، وبالمرة تفجير ثورة 30 يونيو، وهو أمر مستحيل تماما، لأن هؤلاء تعودوا على أن يأخذوا.. لا أن يعطوا، وأدعو القراء إلى التأمل فى كل شخصية على حدة، وهناك من تم استحضارهم فى مواقع السلطة فى الحكومة وفى ديوان الرئاسة، وفى بعض المناصب الرسمية دون خجل ودون مراعاة البناء النفسى للشعب المصرى، كما يحدث فى القنوات الفضائية الخاصة عموما، حيث يتم استحضارهم فى البرامج وكأنهم أصبحوا مقررين على الشعب، وتجرى عملية إعادة إنتاج مرحلة ما قبل 25 يناير 2011، وكأن ثورة لم تحدث، وأصبحوا يحلون محل رموز الإخوان فى المشهد الإعلامى، تمهيدا للمشهد السياسى، فى إطار صفقة تنظيف السمعة السيئة.. وهذه القنوات، وأنا شاهد وتحت رقابة الشعب الذى يصدق كلامى دائما، أنها كانت تستحضر الإخوان فى كل البرامج، وأنصارهم من المتأسلمين، ويتطاولون علينا، الأمر الذى جعلنى أقرر أن لا أظهر فى برنامج مع هؤلاء قبل 30 يونيو بنحو 5 أشهر تقريبا، مكرسا كل الوقت فى مقاومتهم على طريقة إسقاطهم، وبالضربة القاضية. وبالتالى فإن استبدال رموز الوطنى برموز الإخوان والعكس، وهما وجهان لعملة واحدة، هى سياسة خاطئة وخيار سىئ يستوجب الأمر استدراكه قبل فوات الأوان.
ومن الأمثلة الفجة التى تحتاج إلى وقفة، ذلك الإعلان، وتلك الدعاية الصارخة لميلاد مذيعة «توك شو» فى قناة «الحياة»، وهى شاهيناز النجار.. وكأن القناة تعاقدت مع خبيرة عالمية فى إدارة البرامج الحوارية، ونجمة عالمية فى هذا المجال، والمعروف يقينا أن هذه السيدة ليس لها أى خبرات فى هذا المجال، وكأنه مجال للعاطلين أو من ليست له وظيفة، كما يردد أهل هذه المهنة.. كما أنه غير معروف يقينا أنها قد سبق لها دراسة الإعلام، أى أنها متخصصة فى هذا المجال، وتريد أن تجرب فينا هى والقناة، فى برنامج «توك شو»!!
واليقين أنها درست فى كلية الآداب «فلسفة»، وزعمت أنها درست الطب!! وكانت معيدة فى قصر العينى بعد عودتها من الخارج، «وكلها دعايات كاذبة لزوم الدعاية الانتخابية فى دائرة المنيل ومصر القديمة التى كسبتها عام 2005 كمستقلة، ودخلت الحزب الوطنى وتزوجت أحمد عز، أحد أقطابه، واستقالت بعد أقل من عام ونصف العام، وجلست فى المنزل ربة بيت، وراعية للمنزل، وضمن أربع سيدات على ذمة الرجل، رمز الفساد واستغلال النفوذ، وبالتالى فقد باعت ثقة الناس فيها، وخدعتهم عندما تحولت عن صفتها إلى صفة الحزب الحاكم، وباعتهم أيضا عندما استقالت وجلس مكانها رمز آخر من الحزب الوطنى، وهى بالتالى واحدة من أتباع الحزب الوطنى المنحل»!!
وباعتبارها كانت عضوا فى مجلس الشعب، الذى كنت عضوا فيه (2005-2010)، فإنى شاهد على أدائها المتواضع، حيث كانت تقرأ من ورقة مكتوبة لها، ويتلعثم لسانها دائما!! فكيف بالله تدير برنامج «توك شو» بهذه الخلفية منعدمة الصلة بالإعلام، كما أنها ليست خطيبة مفوهة، ولا صاحبة الخبرات السابقة.. إذن لماذا الإقحام والاقتحام لهذه السيدة فى قناة «الحياة»، وهى من القنوات ذات الوزن؟!
الرأى عندى أنها صفقة من صفقات الفساد السياسى، الذى لا يزال يطل برأسه من جديد متحديا الثورة، فلا بأس من أن تأتى شاهيناز لتعطى لنا مقدمات عن الثورة وفوائدها، مثلما حدث على لسان مذيعات ومذيعين كانوا يبكون مبارك!! وما زالوا فى المشهد بـ«نيو لوك»!! فصاحب القناة رجل أعمال ورئيس حزب، وكان يعقد الصفقات مع مبارك، ومثال ذلك فى المحليات، ويقوم بأداء الدور بعقد صفقات مع الحزب الوطنى تدريجيا، والدعاية لبرنامج شاهيناز هو لقياس ردود الأفعال، وهو فى النهاية زواج المصلحة والمال مع السلطة، والمشهد القادم ملىء بالمفاجآت، وها نحن أمام إحدى مفاجآته، فإن كانت هناك بقية من حياء.. أوقفوا هذا المشهد العبثى.. فالجماهير تراقب.. والشعب يفرز.. ولا دموع بعد الآن.. الثورة مستمرة حتى النصر بإذن الله، ولا يزال الحوار متصلا.