أعلنت الحكومة المصرية جماعة الإخوان، جماعة إرهابية وتنظيمها، تنظيم إرهابى، ويخص الإعلان التنظيم الأم، ومن ثم ينسحب على الفروع. وقد بادرت حركة حماس بإصدار بيان تفخر فيه بالانتماء إلى الجماعة فكرًا وتنظيمًا، وفى البيان ما يمثل تحديًّا مباشرًا لقرار الحكومة المصرية. ويعد بيان حركة حماس استمرارًا لمسلسل توظيف القضية الفلسطينية لصالح التنظيم بدلا من توظيف التنظيم لخدمة القضية الفلسطينية، أى هو استمرار لمسلسل الاتجار بالقضية الفلسطينية. فالمؤكد أن جماعة الإخوان المسلمين وإن دخلت فلسطين تحت راية الجهاد قبل إعلان قيام دولة إسرائيل، فإن الجماعة سعت لاحقًا فى توظيف القضية لخدمة التنظيم، فقد أحجمت الجماعة عن الانخراط فى عمليات المقاومة ضد إسرائيل مدعيةً أن قضيتها هى إعداد الفرد والأسرة والمجتمع أولًا، وأن الدخول فى مواجهة مع قوات الاحتلال قد يؤدى إلى تدمير الحركة فى بدايتها، ومن ثم لا بد من الاستعداد الجيد أولًا. وفى تلك المرحلة ركزت حماس على العمل الاجتماعى والخدمى، كما دخلت فى تفاهمات مع قوات الاحتلال للحصول على التراخيص اللازمة لمزاولة العمل الاجتماعى والخدمى، وقد سمحت قوات الاحتلال للجماعة بالعمل على الأرض ومحاولة تديين الصراع بهدف إضعاف منظمة تحرير الفلسطينية التى كانت تستند إلى أساس مدنى فى العمل من ناحية، ودفع اليهود إلى مزيد من التماسك على إثر تديين الصراع. تدريجيًّا وعلى إثر اندلاع الانتفاضة الأولى فى الثامن من ديسمبر عام ١٩٨٨، جرى تشكيل حركة المقاومة الإسلامية، حماس، التى سعت إلى ركوب الانتفاضة عبر الادعاء بتفجيرها من ناحية وقيادتها من ناحية ثانية، ومنذ ظهورها بعد اندلاع الانتفاضة بنحو أسبوعين، مثلت حركة حماس عبئًا شديدًا على الانتفاضة، وعلى وحدة الصف الفلسطينى، فقد نافست القيادة الوطنية الموحدة على الدور والمكانة على نحو سبب قدرًا كبيرًا من الإرهاق للشعب الفلسطينى، وفى مرحلة تالية تسببت رغبة حركة حماس فى قيادة الشارع الفلسطينى فى وقوع مواجهات مسلحة بين أنصار منظمة التحرير وأنصار حركة حماس.
كانت مهمة الحركة الأساسية عرقلة مفاوضات التسوية السياسية فقد كانت تقول على الدوام، فلسطين أرض وقف إسلامى لا يجوز التفريط فى شبر واحد منها، لذلك قاومت الحركة مفاوضات التسوية، وعملت بكل قوة على إفشال اتفاق أوسلو، رافضةً كل الحلول السياسية، ثم قررت دخول الانتخابات المحلية، ومن بعدها التشريعية عام ٢٠٠٦، فازت بالأغلبية وشكلت الحكومة وفشلت تمامًا فى إدارة شؤون الفلسطينيين، وقررت السيطرة على قطاع غزة وسلخه عن باقى الأراضى الفلسطينية، شنت عمليات مسلحة ضد إسرائيل فكان رد الأخيرة قاسيًّا فى ديسمبر ٢٠٠٨ ويناير ٢٠٠٩، ومن بعده جرى التوصل إلى تهدئة وهى بمثابة هدنة واقعية، ومع وصول الحركة الأم فى مصر إلى السلطة وتحديدا بعد فوز مرشح الحركة بالرئاسة فى يونيو ٢٠١٢، تحرك الفرع الفلسطينى لخدمة مشروع التمكين وتوظيف القضية الفلسطينية لخدمة هذا المشروع، فالحركة التى تتخذ من المقاومة عنوانًا لها باتت تتولى حماية الحدود الإسرائيلية وتمنع أى فصيل مسلح من الاقتراب من الحدود مع إسرائيل، وكان رد الحركة عنيفًا على كل من حاول الاقتراب من الحدود مع إسرائيل أو مواصلة عمليات المقاومة المسلحة. وطوال سنة وجود مرسى فى السلطة لم تقم حماس بأى عملية مسلحة ضد إسرائيل، بل أحكمت سيطرتها على القطاع، وأوقفت كل العمليات المسلحة ضد إسرائيل، وكانت السنة التى قضاها مرسى فى السلطة هى أكثر السنوات هدوءًا واستقرارًا بالنسبة إلى إسرائيل، فقد كشفت سنة حكم مرسى عن أن ما تقوله الحركة فى فلسطين هو مجرد شعارات توظفها لصالح الجماعة الأم، وما تقول إنه مقاومة مسلحة إنما هى موظفة لخدمة أهداف التنظيم، فطوال سنة مرسى لم تمارس الحركة أى فعل مقاوم، بل واجهت كل محاولة للقيام بعمل عسكرى ضد إسرائيل خدمة لمصالح الجماعة، وبعد الإطاحة بمرسى تحركت فصائل الحركة للقيام بعمليات مسلحة داخل مصر، ضد الشعب والجيش دفاعًا عن مرسى، الجماعة وحكم المرشد وهو ما ولد غضبًا شديدًا فى الشارع المصرى، ومنه من صب جام الغضب على القضية الفلسطينية وعلى الشعب أيضًا، فاتجار حركة حماس بالقضية الفلسطينية وتوظيف القضية لخدمة مشروع الجماعة أفقد القضية بريقها وحرمها من تعاطف قطاعات واسعة من المصريين، وهو أمر ينبغى مواجهته وتصحيح الموقف دفاعًا عن القضية الفلسطينية، وذلك بكشف زيف خطاب حركة وبيان ما قامت به من عمل مسلح ضد مصر بهدف خدمة التنظيم لا القضية على النحو الذى أضر بالقضية وشعبها ضررًا بالغًا.