على الأرجح لم يكن أوتوبيس مدينة نصر هو المقصود بالانفجار الذى ترك مع الضحايا رسالة جديدة بحقارة الإرهاب الذى أعلن الحرب على شعب مصر.
الأرجح أن الصدفة هى التى قادت الأوتوبيس إلى مكان الانفجار فى هذه اللحظات.. ومع وجود قنبلتين أخريين لم تنفجرا بعد أن تم اكتشافهما من رجال البحث وإبطال مفعولهما فى الجزيرة الوسطى للشارع.. يبدو المشهد مختلفا، خصوصا أن كل ذلك حدث فى مقابل مجمع للمدارس، ربما كانت القنابل تستهدفه فى الأساس.
عامل آخر أشار إليه الدكتور محمد رضا محرم، الأستاذ بهندسة الأزهر، فى مداخلة تليفزيونية أمس، وهو أن المكان الذى شهد الحادثة الإجرامية هو نقطة التقاء لطلاب الأزهر غير المنتمين لجماعة «إخوان المولوتوف» وأنصارها من الجماعات الإرهابية، وربما كان خطأ فى التوقيت هو الذى أنقذنا من مأساة أكبر.
لا ينبغى استبعاد ذلك، فنحن نواجه إرهابا لا ضمير له ولا أخلاق ولا إنسانية.. إرهاب خرج كله من عباءة الإخوان، وعاد إليها فى تحالف لن يرضى عنه إلا الشيطان ولن يقف معه إلا أعداء الدين والوطن.
تاريخ «الإخوان» وحلفائهم هو سلسلة متواصلة من أحط أنواع الإرهاب، بعد طوفان الاغتيالات التى قاموا بها فى الأربعينيات من القرن الماضى، وقالوا إنهم سيتفرغون لمقاتلة الاحتلال البريطانى، عندما جاءت الساعة وبدأت المقاومة فى مدن القناة قال مرشدهم: إن محاربة الإنجليز ليست فى أولوياتهم (!!) وسارع بفتح أبواب التفاوض مع المسؤولين فى السفارة البريطانية التى كانت أول من دعم «الإخوان» عند نشأتهم!!
مع ثورة يوليو أخذوا الفرصة كاملة ليتوبوا عن جرائمهم، وليشاركوا فى الحياة السياسية، ولكنهم أرادوا السيطرة على الدولة، وعندما طلب منهم عبد الناصر حل جهاز الاغتيالات المسمى بـ«النظام الخاص» كان الرد هو محاولة اغتياله، وبدء معركة طويلة لاستنزاف الدولة والعداء للثورة بالتآمر مع أجهزة مخابرات أمريكية وغير أمريكية، كانت قد وضعت ثورة مصر هدفا أساسيا لمؤامراتها، التى نجحت فى ضرب مصر عام 67 بعد أن كان «الإخوان» قد مهدوا لها الطريق بمؤامرة سيد قطب، مجدد فكر الإرهاب، الذى ما زال -حتى اليوم- يهدد مصر والإسلام والعالم كله.
وما فشلوا فى تحقيقه مع ثورة يوليو، تصوروا أنهم قادرون على تحقيقه مع ثورة يناير، بعد ستين عاما، لم يتوقفوا فيها عن التخطيط للهيمنة على الدولة، والتآمر بكل الوسائل، ومع كل القوى المعادية لمصر، من أجل تحقيق أهدافهم.. وزاد سعارهم للسلطة مع ضمان التأييد الأمريكى لهم، والرهان على أنهم سيكونون خير من ينفذ سياسات واشنطن فى المنطقة.
وعندما وصلوا إلى الحكم، اكتشفنا الخديعة الكبرى، وعرفنا أن سفيرة أمريكا آن باترسون هى التى «ترشد» المرشد، وهى التى تضع القرارات لقيادة «الإخوان» ومندوبهم فى الرئاسة «المعزول مرسى»، وهى التى ترعى تحويل سيناء إلى ساحة مفتوحة لعصابات الإرهاب، لفتح الباب أمام تنفيذ مخطط تقسيم مصر، وتصفية قضية فلسطين وإعادة رسم خريطة المنطقة، وفقا لإرادة واشنطن.
لهذا كانت الصدمة شديدة عندما تحرك شعب مصر فى 30 يونيو ليسقط الحكم الفاشى الإخوانى، ويسقط معه كل مخططات أمريكا، ويكشف عملاءها فى الداخل والخارج، ويفتح الباب لعودة مصر المستقلة التى تدعم كل شعوب الأمة العربية وتساندها كل الحكومات الحريصة على استقرار مصر ودورها.. بعيدا بالطبع عن الأتباع الصغار فى الدوحة، وأردوغان الفاسد فى إسطنبول!!
الآن.. تصل المعركة إلى نقطة الحسم.. مصر شعبا وحكومة وجيشا تواجه كل التحديات وتسعى لبناء الدولة القادرة على تحقيق أهداف الثورة.. «الإخوان» وحلفاؤهم من عصابات الإرهاب ومن يدعمونهم من الخارج يعلنون الحرب على شعب رفضهم، وحكومة جاءت بإرادة الثورة، وجيش انحاز لإرادة الشعب، وشرطة عادت لتكون فى خدمة الشعب وفى مواجهة إرهاب «إخوان المولوتوف» وحلفائهم الذين لا يملكون إلا أن يوجهوا قنابلهم إلى صدور المصريين، بعد أن أوهمونا أنهم «للقدس رايحين.. شهداء بالملايين»، فإذا بهم يختبئون وراء النساء ليقتلوا الأطفال، ويحاولوا ترويع شعب لم يخضع يوما إلا لله، ولم يخلص يوما إلا للوطن!!
فى الخطاب الأخير للفريق السيسى كان الرد واضحا.. مصر لن تهتز والجيش فداء للشعب.. من يمس مصر وشعبها بالضرر لن نتركه على وجه الأرض، لكن النقطة المركزية التى أوضحها السيسى بكل جلاء هى أن هدفنا هو البناء والتعمير، بينما هؤلاء الإرهابيون لا هدف لهم إلا القتل والترويع.
حتى الحمير يمكن أن تفهم بعد ستة أشهر من 30 يونيو أن الأمر قد انتهى، لكن جماعات الإرهاب بقيادة الإخوان لا تريد أن تفهم!! تريد أن تكرر «انتصاراتها»!! العظيمة فى خيانة الحركة الوطنية المصرية وتعطيل مسارها، وفى الإساءة للإسلام والوقوف ضد وحدة الأمة العربية.
اختار «الإخوان» الانتحار -كعادتهم عندما يوصلهم الإرهاب إلى الحائط المسدود- هم أحرار فى اختياراتهم.. مصر بشعبها وجيشها ودولتها اختارت أيضا طريقها.. على مدى التاريخ لم تنتصر عصابة على دولة، وعلى مدى التاريخ كان شعب مصر وجيشها قادرين على إلقاء كل إرهاب أو خيانة أو عمالة فى مزبلة التاريخ.
أعدوا «المزابل» للإرهابيين من «الإخوان» وحلفائهم.. مع رجاء مراعاة الشروط التى تفرضها وزارة البيئة للحفاظ على صحة المواطنين.. وسلامة الوطن!!