أعلنت الحكومة جماعة الإخوان جماعة إرهابية وتنظيمها تنظيمًا إرهابيًّا، وبدأت تتحرك لتطبيق ذلك، وسارعت فى نفس الوقت إلى وضع يدها على منظمات وشركات تتبع الجماعة وتستخدم فى تمويل أنشطتها. فى المقابل استخفت الجماعة بقرار الحكومة وواصلت الدعوة لحشد أنصارها وتصعيد المواجهة مع الحكومة لإسقاط هذا القرار الذى ينهى وجود الجماعة ويجعلها تخسر كل شىء على مستوى الوجود الرسمى. المؤكد أن قيادة الجماعة تتحمل كل المسؤولية عما جرى من بداية الأحداث خلال فترة حكم مرسى مرورًا بحظر أنشطة الجماعة وصولًا إلى إعلانها جماعة إرهابية، فقيادة التنظيم رفضت كل دعوات التوافق الوطنى خلال فترة حكم مرسى، وعطلت كل محاولات التفاهم وأفرغت كل حوار من محتواه، وأوقفت الجهود التى كانت ترمى للبحث عن نقطة توافق، وطغت إرادة التنظيم على فكر وعقل محمد مرسى الذى تحوّل من رئيس لمصر إلى مندوب الجماعة فى القصر الجمهورى أو مسؤول ملف الرئاسة فى مكتب الإرشاد، بحث التنظيم عن التمكين والسيطرة على مؤسسات الدولة وعن مصالح الأهل والعشيرة فى الداخل والخارج. فى نفس الوقت ركّز قادة الحركات والفصائل الإسلامية القريبة من الجماعة والبعيدة عنها على جنى الأرباح الشخصية، وللفصيل الذى يمثّلونه، وبدا واضحًا أيضًا أن الجماعة هى «أم التنظيمات»، فهى مصدر كل الجماعات مهما رفعت من شعارات، فجماعة الإخوان هى مصدر كل التنظيمات الإرهابية المسلحة، وأن ما أعلنه البعض من مبررات للخروج من الجماعة والانفصال عنها لم يكن سوى نوع تقسيم الوظائف وتوزيع الأدوار، والأكثر أهمية من كل ذلك هو ما تكشّف من حقائق فى قضية المراجعات، فالغالبية العظمى ممن وافقوا على مراجعة أفكارهم وأعلنوا نبذ العنف ضد الدولة والمجتمع، سرعان ما انضموا إلى الجماعة وباتوا بمثابة أجنحتها المسلحة وعادوا إلى لغة التكفير والتهديد والوعيد بعد تولّى مرسى منصب الرئيس، وبدا واضحًا أن المراجعات جاءت محصلة للضربات الأمنية الناجحة وللملاحقات التى طالتهم، ومع ظهور مؤشرات فشل مرسى وتحرك الشعب مجددًا ضد حكم المرشد والجماعة، سارع هؤلاء إلى حمل السلاح مجددًا ضد الدولة والمجتمع، قليلة هى أعداد من ثبتوا على مواقفهم الجديدة وواصلوا دفاعهم عن السلمية واعتماد الحوار وسيلة لحل الخلافات، وكثيرة هى الوجوه التى عادت إلى حمل السلاح مجددًا ونشطت فى ممارسة العنف ضد مصر والمصريين، ومَن لم يحمل السلاح، الفصيل الأخير، واصل تبنى فكر الجماعة والدفاع عنها ومارس العنف اللفظى وغلب التهديد والوعيد على مفرداته.
اليوم وقد أعلنت الدولة المصرية الجماعة تنظيمًا إرهابيًّا على النحو الذى يرتب استحقاقات كثيرة، منها تجريم الانتماء إلى الجماعة ومصادرة ممتلكاتها وممتلكات أفرادها وحظر كل إشارة لها وتجريم شعاراتها، أما وقد تم ذلك فلا بد من تطبيقه بكل قوة وحسم، فلا مجال بعد اليوم لتراخٍ أو ارتعاش، فنحن على أبواب استحقاقات مهمة أولها الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد فى الرابع عشر والخامس عشر من يناير القادم، ولا بد من توفير الأمن للمصريين حتى يشاركوا بكثافة فى عملية الاستفتاء، فالجماعة سوف تصعّد من عملياتها الإرهابية فى الأيام القادمة بهدف إفقاد المصريين كل شعور بالأمن وإظهار الدولة عاجزة عن حماية مواطنيها، لذلك لا بد من تطبيق القانون بحزم وشدة فى مواجهة كل خروج على الأمن من ناحية وتنفيذ قرار إعلان الجماعة تنظيمًا إرهابيًّا حتى تتخلّص مصر من شرور هذه الجماعة وتوقف جرائمها، أما مَن كان ينتمى إلى الجماعة ويرغب فى العمل تحت أى راية أخرى فى ظل دولة القانون، فلا بد أن تتاح الفرص له، فالتجريم هنا يطول التنظيم والعقوبة هى بحق مَن سيظل منتميًا إلى هذا التنظيم، أما مَن سيطبق القانون ويعلن خروجه من التنظيم ويتجه للانخراط كمواطن صالح فى المجتمع فلا بد أن تتاح له الفرصة كاملة، ومَن يريد العمل السياسى تحت راية أخرى فلا عقبات توضع فى مواجهته، المهم هنا هو تطبيق القانون بحزم مهما كلّف من ثمن وتطلب من تضحيات، فبديل تطبيقه هو الفوضى الشاملة فى البلاد.