إنتى يا أخت يا اللى هناك، أيوه انتى، يا مناضلة. إنتى عضوة فى نقابة الصحفيين، مش كده؟ وبتلهفى ٩٠٠ جنيه أول كل شهر من النقابة، فوق مرتبك، مش كده؟ الفلوس دى جاية منين؟
معظمها من وزارة المالية، من ميزانية الحكومة، من الضرايب اللى المواطنين بيدفعوها، سواقين التاكسى بيدفعوها، والأطباء بيدفعوها، وشوية من الإعلانات «عضو النقابة ياخدها واللى مش عضو فى النقابة ماياخدهاش»!!
الـ٩٠٠ جنيه دى اسمها رشوة مقنعة، بتديها السلطات المستبدة لأصحاب المهن اللى ممكن يضايقوها شويتين. النقابة بتاعتك دى ماشية عكس «فكرة العمل النقابى». أنا كنت عضو نقابة صحفيين فى بريطانيا، بادفع كل شهر، أنا اللى بادفع للنقابة، ٢١ جنيه إسترلينى اشتراك، علشان تدافع مهنيا عنى وعن زمايلى. وعلشان تضمن استقلاليتنا واستقلالية المهنة، وإن إحنا مانتعرضش لظلم بسبب آرائنا أو غيره. مش هى دى فكرة العمل النقابى، يا ناشطة، يا بتاعة النقابات؟ النقابة تجمُّع مهنى مستقل عن السلطة يدافع عن المشتغلين بالمهنة.
لأ، مش بنفسن عليكى ولا حاجة. أنا بس عايز أفهمك إن إحنا فاهمين. ومابتغرناش الشعارات اللى بترفعيها، ونظام شايف العصفورة، ونظام الآخرون فاسدون اللى بيوحى إنك إنتى لأ. الصحافة دى أفسد مهنة فى مصر. أكتر مهنة بطَّالة ومحتاجة «تطهير وإصلاح».
دا انتى كمان بتشتغلى فى جريدة قومية. سيبك من كون المانشيتات بتاعتها بتعدى على جهات سيادية قبل ما تطلع. سيبك إن وظيفتها التطبيل للسلطة. خلينا فى ميزانيتها. الإعلانات دى جاية منين؟ أو بصيغة تانية، إيه اللى بيخلى المعلن يعلن فى جرايد بعضها مابيبعش؟ أيوه، علشان مرتبطة بالسلطة، وعلشان بتستغل ارتباطها بالسلطة فى مساومة المعلنين.
هو إيه الفساد بأه من وجهة نظرك؟ يعنى إن ماكانش دا كله فساد، وانتى شغالة فيه، يبقى إيه هو الفساد؟ منين بتجيلك عين تكتبى مقالات عن فساد «الآخرين» من غير ما تبصى مرة لنفسك وتكتبى عن فساد مؤسستك. ليه بتطالبى «الآخرين» بتطهير مؤسساتهم، ومش بتطالبى بتطهير مؤسستك، أو حتى باتباع سياسات تكافح الفساد؟ ليه بتتظاهرى أو بتدعى للتظاهر قدام المؤسسات الفاسدة الأخرى، ومافيش مرة بتتظاهرى، أو تدعى للتظاهر قدام مؤسستك الفاسدة، ونقابتك الأفسد؟ مرة تانى، إيه هو الفساد؟!
طبعا. ويا سلام لو كنتى اشتراكية ومغرقانا كلام عن فساد رجال الأعمال. كأن فساد رجال الأعمال دا حاجة، وفسادكم انتم دا حاجة تانية. لمجرد إن حضرتك بتعرفى ترصى كلمتين جنب بعض عن «العدالة الاجتماعية» و«تزاوج المال والسلطة» والذى منه. أما «تزاوج الصحافة والسلطة»، السمة المميزة لكل تجارب الدول الاشتراكية، واللى نظام مبارك ورثها من «بستان الاشتراكية» بتاعنا، فهو حلالٌ حلالٌ حلال. أما «إعالتك اجتماعيا» من ضرايب الكادحين، فماشى.
الغريب إن نص «الاشتراكيين» شغالين صحفيين فى جرايد الحكومة، متوغلين. هتقولى لى ما «الرأسماليين» كمان. هقول لك آه. بس الرأسماليين دول «فاسدين» زى ما انتى عارفة. فأنا باتكلم دلوقتى عن «الأشراف الأطهار»، أنصار الكادحين. «الرأسماليين» على الأقل بيقولوا لازم يبقى فيه استثمار فى كل حاجة، لازم يبقى فيه استثمار حتى فى الصحافة، لأن دا السبيل الوحيد لوجود صحافة مش مرتبطة بالسلطة، ممكن مرتبطة بمتنافسين على السلطة -خدى بالك، وبالتالى تنافسية، وهادفة إلى الربح، وضاغطة من أجل الحصول على معلومات، يعنى بتقدم منتج يعجب الزباين/القراء علشان يشتروه، مش منتج صحفى قطاع عام، لا هامّه يعجب الناس ولّا مايعجبهمش، ولا هامّه يربح ولّا مايربحش، اللى هامّه بس يقبض أول الشهر، ويستغل علاقته بالسلطة علشان ابتزاز المعلنين، زيه زى أى موظف قطاع عام مرتشى.
أيوه. انتى بتاخدى رشوة من السلطة علشان تقفلى بؤك، وعلى حساب الكادحين. رفاهيتك مرتبطة برضا السلطة عنك، وعلى حساب الكادحين. من يمد يده يكتم لسانه. أول ما تصلحى المؤسسات الصحفية، يبقى ليكى عين تعدّلى على غيرك. بلا وكسة.