ايجى ميديا

الجمعة , 27 ديسمبر 2024
ايمان سمير تكتب -وقالوا عن الحرب)مني خليل تكتب -اثرياء الحرب يشعلون اسعار الذهبكيروش يمنح محمد الشناوي فرصة أخيرة قبل مواجهة السنغالايمان سمير تكتب -عيد حبعصام عبد الفتاح يوقف الحكم محمود بسيونيمني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الرابعالمصرى يرد على رفض الجبلاية تأجيل لقاء سيراميكا: لماذا لا نلعب 9 مارس؟مني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الثالثمني خليل - احسان عبد القدوس شكل وجدان الكتابة عنديالجزء الثاني / رواية غياهب الأيام كتبت / مني خليلإحاله المذيع حسام حداد للتحقيق وإيقافه عن العملتعاون بين الاتحاد المصري للدراجات النارية ودولة جيبوتي لإقامة بطولات مشتركةغياهب الايام - الجزء الاول - كتبت مني خليلاتحاد الكرة استحداث إدارة جديدة تحت مسمى إدارة اللاعبين المحترفين،كيروش يطالب معاونيه بتقرير عن فرق الدورى قبل مباراة السنغال| قائمة المنتخب الوطني المشاركة في نهائيات الأمم الأفريقية 🇪🇬 .... ⬇️⬇️اللجنة الاولمبية تعتمد مجلس نادي النصر برئاسة عبد الحقطارق رمضان يكشف سر عدم ترشح المستشار احمد جلال ابراهيم لانتخابات الزمالكنكشف البند الذي يمنع الدكتورة دينا الرفاعي من الاشراف علي الكرة النسائيةوائل جمعة نتتظر وصول كيروش

فى ذكرى ميلاد أديب نوبل: «الحلقة التاسعة»

-  
نشر: 24/12/2013 3:58 ص – تحديث 24/12/2013 3:58 ص

كتب محفوظ فى صباه ثلاث روايات لم ينشرها.. الأولى عن كرة القدم والثانية بعنوان «أحلام القرية» والثالثة سماها «الأعوام» وكانت على نهج «الأيام» لطه حسين لم يكتب الأستاذ عن حياة القرية سوى فى رواية «ما وراء العشق» لكنه لم ينشرها لأنها لم تعجبه

لا يمكن أن نتناول جميع أعمال الأستاذ نجيب محفوظ، إذ إن كل كتاب من كتبه فى حاجة إلى بحث ونقد ودراسة مستفيضة، ومن ثَم سنتوقف عند بعض ما كان يقوله بنفسه عن بعض أعماله الأدبية، حين كانت تثار مناقشات حول كل منها، أو إجاباته المقتضبة حين كانت توجه إليه الأسئلة عن رؤيته الفلسفية المبثوثة فى قصصه ورواياته. وفى هذا الخصوص لا بد أن نبدأ بصفة كان يتحلى بها الأستاذ فى مواجهة الأسئلة الكثيرة عن إبداعاته، إذ هو لا يفرض تصورا معينا، أو معنى محددا لأى عمل من أعماله، وإنما هو يترك للمتلقى حرية تشكيل رؤيته الخاصة للعمل الأدبى كيفما شاء، فكما كان صدره يتسع لكل ما تفعله فنون الدراما السينمائية، والتليفزيونية، والمسرحية بأعماله الفنية، دونما أى تدخل منه، فكذلك كان يترك القارئ حرا تماما فى طريقة استقباله لمغزى العمل الأدبى، أو فهم معانيه المضمرة بين السطور.

وإذا بدأنا من أعمال الأستاذ الأولى، فسنرجع إلى مرحلة ما قبل النشر، إذ إن الصبى الصغير نجيب محفوظ تعلق بالقصص والروايات من سن مبكرة، وكان يلخص ما كان يقرؤه من روايات، أو يعيد كتابته -مرة أخرى- بأسلوبه الخاص فى كراسات، ويكتب عليها اسمه! وكأنما كان يعلم، أو يتنبأ وهو فى سن الطفولة هذه، أن اسمه سيسجل على عدد كبير من الروايات، والمجموعات القصصية، والتى ستخلب لُب القراء فى الشرق والغرب، حين تترجم إلى أكثر من أربعين لغة، هى أهم لغات العالم أجمع.

ثم كتب نجيب محفوظ، وهو فى هذه المرحلة المبكرة من حياته، ثلاث روايات لم تُنشر أى منها، إحداها كانت تدور حول عالم لعبة كرة القدم، فقد اندمج الصبى محفوظ فى لعب كرة القدم لسنوات عدة، وقد برز وتفوق فى هذه اللعبة، ولكنه منع نفسه من الاستمرار فيها حتى لا تأخذه عما هو أهم منها.

وثمة رواية أخرى، من هذه الروايات الثلاث، كان عنوانها «أحلام القرية»، وكان الأستاذ نجيب يتعجب وهو يحكى لنا عن هذه الرواية، إذ يقول كيف كتبت رواية عن القرية وأنا فى هذه السن؟!

والحقيقة أن الأستاذ، وكما ذكر لنا مرة، كان قد قضى أسبوعا فى الريف عند بعض أقاربه، وهو فى سن الصبا، ولعله رأى من أحوال القرية المصرية فى هذه المدة القصيرة ما يستحق الكتابة عنها.

وإذا كان الأستاذ لم يكتب عن حياة القرية فى رواية بعد ذلك، سوى فى رواية واحدة لم ينشرها! وهى رواية «ما وراء العشق»، وقد كتبها فى النصف الثانى من السبعينيات، ولم يرض عنها الأستاذ بعد أن أكملها، فقد كان من عادة الأستاذ بعد أن ينتهى تماما من عمله الأدبى، لا ينشره مباشرة، وإنما يتركه لفترة من الزمن، ثم يعيد قراءته مرة أخرى، ليراه من جديد، ثم يقرر أن يدفع به إلى المطبعة.

لكن ما حدث مع هذه الرواية يعد حدثا إبداعيا فريدا من نوعه، فمن العجيب أن يكتب نجيب محفوظ رواية -بعد كل ما كتبه من روايات رائعة- ولا تعجبه! وهذه حالة مثيرة من حالات الإبداع الروائى، إذ يمكن أن يكتب المؤلف قصة قصيرة، ولا تعجبه، لكن أن يكتب رواية كاملة، على مدى شهور طويلة من البحث والتفكير والعمل، ثم لا تعجبه فى النهاية، فهذا لم يحدث فى حياة محفوظ الإبداعية سوى مرة واحدة فقط، بالإضافة إلى أن الأستاذ لم يترك الرواية تضيع تماما، وإنما استغل فكرتها الجوهرية كموضوع لقصته البديعة «أهل الهوى». ثم أعطى «ما وراء العشق» لصديق له يعمل مخرجا سينمائيا، لكى يستفيد منها كفكرة أو كموضوع لأحد أفلامه، لكن هذا المخرج سلمها بعد ذلك بسنوات لناقد أدبى نشرها فى كتاب، دون أن يحصل على إذن من الأستاذ نجيب محفوظ صاحب الرواية!

أما الرواية الثالثة، فكانت بعنوان: «الأعوام»، وقد كتبها الأستاذ بعد قراءته للسيرة الذاتية للدكتور طه حسين: «الأيام»، فكتب رواية على ذات المنوال، إذ حكى فيها تفاصيل حياته اليومية عبر سنوات الطفولة، لكن هذه الروايات الثلاث فقدت جميعا، أو على الأصح، مزقها الأستاذ بنفسه، حين رأى أنها دون المستوى.

وقد اطلع المفكر الكبير سلامة موسى على أعمال الأستاذ نجيب الأولى، وكان يشجعه على مواصلة الكتابة، وحين قرأ رواية «حكمة خوفو» وافق عليها، ورأى أنها جديرة بالنشر، ولم يغير أى شىء فيها سوى العنوان فقط لا غير!

وقد نشر سلامة موسى للأستاذ نجيب كتابه الأول، وهو كتاب: «مصر القديمة» للكاتب جيمس بيكى، وقد ترجمه الأستاذ عن الإنجليزية، وكانت ترجمة الأستاذ لهذا الكتاب تعبيرا عن اهتمامه بالتاريخ الفرعونى من جهة، وتقوية للغته الإنجليزية من جهة أخرى. ورغم أن سنة نشر هذا الكتاب كما هى مكتوبة عليه، هى سنة 1932م، فإن الأستاذ نجيب قال لى إنه دخل إلى الجامعة -أى فى عام 1930م- وفى يده كتاب من ترجمته!

وقد وضع الأستاذ نجيب خطة لكتابة تاريخ مصر من خلال مجموعة من الروايات! وهى خطة رائعة، وطموحة جدا، وقد خطط لمرحلة مصر الفرعونية فى نحو أربعين رواية! تصور إذن: كم رواية كان يحتاجها تاريخ مصر العريق؟!

وبدأ الأستاذ فعلا فى كتابة ثلاث روايات فرعونية، ثم جذبته الرواية الواقعية، إذ اكتشف أنه يريد أن يعبر عن أشياء كثيرة فى صميم الواقع، ولن تتيح له الرواية المرتبطة بالتاريخ، سواء كان فرعونيا أو غير فرعونى، المساحة الكافية للتعبير عما يعتمل بداخله من صراعات ورؤى وأفكار.

وثمة نقد كان قد وُجِّه إلى روايات نجيب محفوظ الأولى، وهو أنها روايات فرعونية كتبت بلغة قرآنية! وقد تناقشت مع الأستاذ فى هذا الرأى النقدى، والذى أرى فيه نوعا من التعسف، لأن استخدام بعض التعبيرات القرآنية فى داخل صلب الرواية، لا يجعل لغتها كلها قرآنية، فهذا غير صحيح، ولكنها مبالغة ومغالاة من نقاد يسيطر على تفكيرهم رؤية يسارية جامدة، أو «أيديولوجية» متعصبة!

والحقيقة أن الأستاذ لم يقل عن النقاد شيئا كهذا، ولكنه أشار إلى قضية التعامل مع أساليب اللغة ومفرداتها، وصعوبات مراحل البدايات، ومشكلات تطويع اللغة المستقرة عبر قرون، لتتجاوب مع متطلبات فنون أدبية حديثة كالفن الروائى أو القصصى.

وهنا لا بد أن أسجل إعجابى الخاص، وتقديرى العميق للغة نجيب محفوظ، فقد استطاع أن يطور أسلوبه الأدبى تطويرا هائلا، إلى درجة أن لغة الأستاذ فى كل عمل من أعماله تكاد تختلف عن لغته فى الأعمال السابقة أو اللاحقة، ومن ثم فمن ينظر بدقة فى لغة الروايات الفرعونية الثلاث، ويقارنها مثلا بلغة الثلاثية، سيجد فروقا هائلة فى أساليب الصياغة الروائية، ثم إذا قارن الثلاثية بعمل جاء بعدها مثل «اللص والكلاب» سيجد أيضا فروقا هائلة، وهكذا حتى أعماله الأخيرة، كعمله الفذ «أصداء السيرة الذاتية»، أو عمله الأخير، والذى لم يلق ما يستحقه من نقد وتحليل ودراسة، وهو: «أحلام فترة النقاهة».

أما المجموعة القصصية الأولى لنجيب محفوظ، وهى مجموعة «همس الجنون»، والمؤرخة فى عام 1938م. فالحقيقة أنها صدرت بعد ذلك بسنوات، لكنها كتبت كقصص ونشرت فى المجلات والصحف قبل هذا التاريخ بسنوات أيضا. فقد عرض عبد الحميد جودة السحار على نجيب محفوظ أن ينشر له مجموعة قصصية بعدما لاقت رواياته نوعا من النجاح والانتشار، وقد تردد محفوظ فى جمع هذه القصص القصيرة فى مجموعة قصصية، ونشرها فى كتاب بعدما شعر أنه تجاوز هذه المرحلة الأولى فى فن الكتابة، ومن ثم ترك للسحار أن يختار من القصص ما يرى أنه جدير بالانضمام إلى المجموعة، ويترك القصص الأخرى لمصيرها المجهول!

وفى مجموعة «همس الجنون» قصص بديعة، وأخرى تعد بداية طيبة لكاتب كبير يشق طريقه بقوة نحو آفاق العالمية.

ومن مفارقات القدر أن هذه القصص القصيرة التى لم يجمعها السحار فى مجموعة «همس الجنون»، قد تم جمعها بعد ذلك بسبعة عقود! ففى الألفية الجديدة أصدرت مكتبة مصر مجموعتين من قصص نجيب محفوظ الأولى! وقد تم ذلك دون الرجوع إلى الأستاذ، وقد ضايقه هذا التصرف غير اللائق، إذ كيف تُنشر قصصه دون موافقته ولا استئذانه؟

وقد صدرت مجموعة من هذه القصص تحت عنوان: «فتوة العطوف» بعد أن كتب لها أحدهم مقدمة! ثم صدرت مجموعة أخرى من هذه القصص بعنوان: «صدى النسيان» مع مقدمة أيضا! وكان الأستاذ يفاجَأ بصدور قصصه مجموعة بعد أخرى دون أن يدرى عنها شيئا! مع مقدمات لها، وهو الذى نشر أعماله الأولى بلا مقدمات من أحد!

وثمة نقد حقيقى كُتب عن روايات محفوظ الفرعونية الثلاث، فقد كتب الناقد الشهيد سيد قطب ما يلى: «قصة (كفاح طيبة) هى قصة الوطنية المصرية، وقصة النفس المصرية، تنبع من صميم قلب مصرى، يدرك بالفطرة حقيقة عواطف المصريين.. لو كان لى من الأمر شىء لجعلت هذه القصة فى يد كل فتى وكل فتاة، ولطبعتها ووزعتها على كل بيت بالمجان، ولأقمت لصاحبها -الذى لا أعرفه- حفلة من حفلات التكريم التى لا عداد لها فى مصر، للمستحقين وغير المستحقين!».

لكن محفوظ لم يكمل سلسلة رواياته الفرعونية، وانتقل بعد «كفاح طيبة» إلى الغوص فى تفاصيل عالمنا المعاصر بروايته: «القاهرة الجديدة»، وهى رواية تمتلئ بنقد عنيف لواقع مصر فى الثلاثينيات والأربعينيات، مما أدى إلى تعرضه كموظف إلى ما يشبه المحاكمة من خلال لجنة تأديب! إذ كيف يصف تردى أخلاق الوزراء كما جاء فى هذه الرواية؟ لقد اعترضوا على ما وُصف به أحد الوزراء، دون أن يعترضوا على حال الشباب، ولا على أى تردٍّ فى أفراد الشعب، فشخصية «محجوب عبد الدايم» لن تجد من يدافع عنها، أو يهتم بها، ومن ثم تعتنق فلسفة «طظ». وتتخيل إعلانا فى صحيفة «الأهرام» بهذه الصيغة: «شاب فى الرابعة والعشرين، ليسانسيه، طوع أمر كل رذيلة، عن طيب خاطر يبذل كرامته وعفته وضميره نظير إشباع طموحه»!

ومما قاله أستاذنا عن هذه الرواية المدهشة، إنها تعرضت إلى نوع من التشويه الحكومى، لا نعلم حجمه على وجه اليقين، فقد حذفت منها الرقابة أجزاء مهمة، ولا نعرف بالضبط ما تم حذفه، رغم أن ما ذكره الأستاذ فى هذه الرواية من أحداث شائنة، وفساد مستشرٍ، وتحلل أخلاقى، لم يكن من وحى الخيال فقط، بل كان تعبيرا عن أحداث ووقائع حقيقية موجودة فى واقع حياتنا! وقد نشر يوسف السباعى هذه الرواية بعد انقلاب 1952م، بعد أن غيَّر عنوانها إلى: «فضيحة فى القاهرة»، ثم تحولت إلى فيلم بعنوان آخر أيضا، وهو: «القاهرة 30»!

وعندما حُوِّل الموظف نجيب محفوظ إلى التحقيق، كان المحقق -لحسن حظ الأستاذ- هو شقيق الدكتور طه حسين، وقد تعامل المحقق مع الموظف باعتباره تلميذا للعميد، ومن ثم نصحه بأن يبتعد عن الكتابة فى هذه الموضوعات الشائكة، وأن يكتب بدلا من ذلك عن موضوعات أخرى لا تثير مثل هذه المشكلات، وليكتب مثلا عن الحب!

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات