أصبح من الواضح أن الاتجاه الأغلب هو أن تكون الانتخابات الرئاسية أولًا.
ففى كل الحوارات التى دارت وتدور بين القوى السياسية بما فيها لقاءات رئيس الجمهورية المؤقت عدلى منصور تأتى الانتخابات الرئاسية أولًا فى الأهمية.
وترى الأغلبية أن مصر فى حاجة الآن إلى من يتحمل المسؤولية بشكل تكليفى ومن الشعب ومن خلال انتخابات.
ولعل التجربة التى تمر بها البلاد خلال المرحلة الانتقالية من غياب الرؤية للخروج من تلك المرحلة، فى ظل عدم تحمُّل الذين يديرون البلاد المسؤولية واعتبارهم أنفسهم فى مهمة مؤقتة وما عليهم إلا تسيير الأعمال، وتمرير العمل يومًا بيوم، تُلِحّ فى التعجيل بانتخابات رئيس للبلاد بخاصة فى ظل التعديلات الدستورية (دستور 2013) التى حددت اختصاصات رئيس الجمهورية.
فالمرحلة فى حاجة إلى رئيس يدير البلاد ويتحمل المسؤولية فى انتقال البلاد والخروج من مرحلة شبه الفوضى التى تسيطر على الوطن.
رئيس يحمل رؤية واضحة للانتقال الديمقراطى.
رئيس يحمل رؤية لاستعادة أمن الوطن.
رئيس يحمل رؤية لاستعادة أمن المواطن.
رئيس يحمل رؤية لانتعاش الاقتصاد.
رئيس يحمل رؤية لاستعادة الدولة ومؤسساتها وإعادة هيكلتها بعد أن نخرها سوس الأنظمة الفاسدة والمستبدة سواء كان فى عهد مبارك أو عهد محمد مرسى وإخوانه.
رئيس يحمل رؤية لاستعادة الدور المصرى على المستوى الإقليمى والدولى.. فلا يُتخيل حتى الآن أن سمعة البلاد مُهدَرة فى عدد من دول العالم ولا تجد أحدًا يتصدى لذلك.
ومع كل الاحترام والتبجيل للرئيس المؤقت عدلى منصور.. فهو يمارس دوره كرئيس مؤقت فعليًّا.. دون الخروج عن النص الذى وضع نفسه فيه لتمرير مرحلة انتقالية وباعتباره قاضيًا ورئيسًا للمحكمة الدستورية.. ولم يسعَ الرجل إلى هذا المنصب ولكن القدر وضعه فى طريقه.. فالتزم بالتكليف الذى لم يكُن منه بُدّ نتيجة لثورة 30 يونيو.. وكان الحل الأمثل ليدير البلاد.
والرجل يسعى لإدارة البلاد بمشاركة الجميع ولم يكن يسعى إلى إقصاء أحد.. لكن ما فعله الإخوان من إرهاب وترويع وعدم احترامهم لمطالب شعبية.. فكان لا بد من اتخاذ موقف حادّ منهم (حتى الآن ما زالوا متمتعين بالحضور على الساحة السياسية، فحزبهم الحرية والعدالة ما زال قائمًا وتصدر عنه جريدة يومية.. ناهيك بوجود تحالف داعم لهم من قوى حزبية كان تشارك فى هامش سلطتهم خلال عام حكمهم).
وقد فوض رئيس الجمهورية المؤقت المستشار عدلى منصور معظم الاختصاصات إلى الحكومة الحالية التى ما زالت تعتبر نفسها حكومة مؤقتة وتؤجِّل القرارات الصعبة والمستقبلية لمن يأتى.
لكن تظل أزمة الانتخابات البرلمانية قائمة.. فليس هناك رؤية أن تكون مع الرئاسية فى يوم واحد أو وقت واحد بما يوفر على الدولة كثيرًا، سواء من الناحية الأمنية وتأمينها أو الأموال التى قد تصل إلى أكثر من مليار جنيه.
ما علينا، لتكُن الانتخابات البرلمانية فى مرحلة تالية.
لكن ما زالت الأزمة متعلقة بالنظام الانتخابى.. بين أنظمة الفردى والقائمة والمختلط.
ويحاول بعض القوى الحزبية أن تكون الانتخابات بالقوائم أو على الأقل مختلطًا، وهو ما يُدخِل البرلمان المنتظَر فى متاهات جديدة.. فهذا قصور نظر، وتسعى قيادات الأحزاب إلى تحسين صورتها بهذا النظام الانتخابى.
فالحل فى هذه المرحلة ما زال فى الانتخابات الفردية فى الدوائر الصغيرة.
ولعل قيادات الأحزاب يتفهمون ذلك ويعملون من أجل صالح الوطن لا سعيًا إلى «غَسْل» شخصياتهم ومحاولة الحصول على جزء من الكعكة التى فشلوا فى الحصول عليها من قبل رغم تقديمهم خدمات جليلة لأنظمة فاسدة ومستبدة.
عمومًا يُشكَر المستشار عدلى منصور الرئيس المؤقت على حواراته التى يُجرِيها مع قوى مجتمعية وشخصية رغم أن من بينهم من كان عضوًا فى لجنة الخمسين، وشارك فى وضع وثيقة دستورية لمستقبل هذا البلد، إلا أنهم فشلوا فى الاتفاق أو التوافق على النظام الانتخابى.. فلماذا يحضرون هذه الحوارات؟!