«مصر باتت فى حاجة إلى رئيس مُخلِص وفورى، فمن يستطيع؟»
هذا السؤال ختم به الزميل إبراهيم منصور مقاله فى زاويته هنا بـ«التحرير» منذ عدة أيام، وأقول له: أمامنا من يستطيع ولا أرى أحدًا غيره قادرًا على حكم مصر فى تلك الظروف العصيبة، ولكنى ألمح تردده من خلال تصريحاته العديدة فى مناسبات مختلفة سواء وهو بين جنوده وضباطه وأركان جيش مصر، أو فى لقاءات صحفية مع رؤساء التحرير الخليجيين أواخر نوفمبر حين قال لهم الفريق أول عبد الفتاح السيسى «من يدرك حجم مشكلات مصر يبتعد عن سباق الرئاسة». ثم طرح عدة تساؤلات، كأنه يحدث نفسه بصوت مرتفع، تدلّ كلها على حيرة وحرص على إرضاء كل الناس فى مصر عن ترشحه وأن يقبله بعض القوى الخارجية، وقد قال نصًّا «هل سيكون مُرضيًا لكل الناس هذا الأمر؟ هل سيرضى ذلك بعض القوى الخارجية؟هل سيعنى هذا بالنسبة إلىَّ العمل على حلول مشكلات مصر؟»، ثم قال «دعنا نرَ ما تحمل لنا الأيام».
أقول لك سيادة الفريق أول إن إرضاء كل الناس غاية لا تُدرَك والاختلاف سُنَّة كونية ولذلك خلق الله البشر، والمسألة الآن بين إرادة الأغلبية المُجمِعة عليك والتى ترى فيك تلك القدرة على إدارة شؤون البلاد، وبين الضمير الوطنى لك، وهذا ليس فقط لأنك أنقذت مصر من هُوة سحيقة كانت تُساق إليها، ولكن لأنك على رأس المؤسسة الوحيدة الباقية التى تُدار بالعلم والتخطيط والخبرة الإدارية الفائقة والقدرة على اتخاذ قرارات مصيرية تتعلق بانطلاق مصر داخليا، ولأنك رجل مدرك تمامًا حقيقة المشكلات التى تعانيها مصر.
ألست أنت من قال «إن مشكلة الإخوان ليست المشكلة الكبرى لمصر، بل هى جزء من المشكلة الأساسية وهى الاقتصاد والديون والبطالة والتعليم والإسكان»؟ ألم تقُل فى معرض إجابتك عن سؤال حول تحولات فى سياسة مصر الخارجية «ليست هذه أخلاق مصر إذ ليس من الحكمة أن تكون على علاقة مع طرف ضد الآخر وتغير تحالفاتك جراء مواقف معينة، ونحن نسعى إلى علاقات متوازنة مع الجميع مع كل الدول، تقوم على الاحترام المتبادَل وعدم التدخل فى الشؤون الداخلية وعدم الإملاء»، وقلت أيضا «لن ينام أحد فى موقع مسؤولية حتى تحل مصر مشكلاتها»؟
لقد ألمحت بذلك إلى وعد بالعَرَق والدموع والكفاح، مثلما قال تشرشل عبارته التاريخية أمام مجلس العموم البريطانى عام 1940 «لاأعدكم إلا بالعَرَق والدم والدموع»، بالمناسبة سيتم وضع هذه العبارة تحت صورته على عملات ورقية جديدة سيبدأ تداولها فى الأسواق البريطانية عام 2016.
هيا افعلها ولا تتردد ولاتحتَرْ واحمل الأمانة بقوة وتَحمَّل تبعاتها وارعَ المرحلة الحرجة القادمة من التنمية.
أنت الشخص المفيد للمرحلة المقبلة المهمة اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا وأمنيا، فمصر تحيا الآن بين مفترق الطرق، وإذا كنت زاهدًا فى الحكم فتَوَلَّه مكلَّفًا على أن تعمل منذ الحظة الأولى على اكتشاف واستخراج و تأهيل من يحكم مصر بعدك لنعبر بحق إلى الديمقراطية وتداول السلطات.
لا تلتفت إلى من يقول بعسكرة مصر إذا رشحت نفسك، فمتى غابت السياسة وهموم الوطن عن ساحة القتال؟
نعلم أنك استشرت كثيرًا من ذوى الرأى والخبرة السياسية، عليك الآن استخارة الله وسيشرح قلبك لما فيه خير مصر، واستمع إلى ما قاله الراحل المبدع صلاح جاهين:
خُوض معركتها زىّ جدك ما خاض
صالب وقالب شِفِّتَك بامتعاض
هى كده.. ماتنولش منها الأمل
غير بعد صَدّ ورَدّ ووْجاع مَخَاض
عجبى!
وعليك الردّ على أهل مصر بما قاله جاهين أيضًا:
برّه القزاز كان غيم وأمطار وبرق
مايهمّنيش -أنا قلت- ولا عندى فرق
غيرت رأىٍى بعد ساعة زمان
وكنت فى الشارع.. وفى الجزمة خرق
وعجبى!