كما أن هناك أفلام مهرجانات وأفلام جمهور، هناك أيضًا نجوم مهرجانات ونجوم جمهور، وبين هؤلاء من الممكن أن تجد مَن يقطع تذكرتين هنا وهناك، ولكنهم الأقلية، وما ينطبق على النجوم تجد له مردوده بين المخرجين والكتاب، ولكننا وجدنا فى مهرجان «دبى» وفى الاحتفالية الخاصة بأفضل مئة عربى فى تاريخنا الفنى وبمناسبة الدورة العاشرة للمهرجان فى الافتتاح بين النجوم المدعوين كلًّا من نادية الجندى ومحمد سعد.
المهرجانات السينمائية عادة لا ترحّب بأفلامهما، ومن الممكن اعتبارهما رمزين للسينما التجارية التى لا تطمع فى شىء سوى أن تحطّم إيرادات السينما تحطيمًا، وبالطبع لا يمكن أن تقارن ما حققته فى هذا الشأن نادية الجندى، مهما اختلفنا عليه، برصيد محمد سعد، كما أن الفارق الزمنى يجعل البون شاسعًا، نادية كانت هى نجمة الشباك منذ منتصف السبعينيات مع «بمبة كشر» لحسن الإمام 1974، واستمرت فى المقدمة، لا يتفوق على أرقامها سوى عادل إمام مع بعض مشاغبات وقفزات رقمية من نبيلة عبيد، ومنذ منتصف التسعينيات شهدت تراجعًا، ولكنها قاومت حتى عام 2002 مع فيلم «الرغبة» لعلِى بدرخان، وسوف تلاحظ فى هذا الفيلم أولًا إصرار بدرخان على أن يحذف منها لقب نجمة الجماهير الذى كان يصاحبها منذ مطلع الثمانينيات، ثانيًا أنه أكثر الأفلام التى حظيت فى مشوار نادية بثناء النقاد، ثالثًا أنها منذ ذلك التاريخ لم تعد مطلوبة سينمائيًّا، رابعًا أنه فى نفس اللحظة التى شهدت أفول نادية كانت نقطة انطلاق محمد سعد فى نفس العام وبأرقام شباك غير مسبوقة فى تاريخنا مع «اللمبى» لوائل إحسان، وتستمر القوة الرقمية لسعد أربع سنوات فقط لا غير، بعدها يعانى من الأفول، صحيح هو على عكس نادية لا يزال يقاوم فى الحصول على مساحة، وكثيرًا ما أجرى تخفيضًا فى أجره ليضمن بقاءه على الخريطة.
ليس من المعقول أن نراهن بين نجومية رقمية طاغية حققتها نادية الجندى على مدى عشرين عامًا، ونجومية طارئة حققها سعد لمدة لم تتجاوز أربع سنوات، لكن كلًّا من نادية وسعد ينتميان إلى نفس الفصيلة كنجمى أرقام، وليس لأى منهما فيلم واحد فى قائمة المئة الأفضل فى تاريخ السينما العربية.
هل دخول التاريخ مسموح به فقط لمن يقدّمون الأفلام التى يشيد بها النقاد وتلهث وراءها المهرجانات، أم أن حق مَن كان له دور فى تلك المنظومة السينمائية أن نراه أيضًا بيننا فى الاحتفالية الخاصة بالسينما، الناس لا تتذكر مع مرور الزمن سوى الفيلم الذى أحبوه، قائمة المئة خلت من أفلام إسماعيل ياسين الذى قدّم بمفرده نحو 15% من كل رصيدنا السينمائى، كما أنه صاحب الضحكة الأشهر فى السينما العربية. القائمة أيضًا لم تأتِ على ذكر اسم ليلى مراد سوى مرة واحدة فى فيلم «غزل البنات» الذى جاء فى المركز رقم 100، وهو الفيلم الوحيد أيضًا الذى ذكر فيه اسم مخرج بقامة وقيمة أنور وجدى، ونجم بحجم نجيب الريحانى، كما أن حسن الإمام تردد اسمه مرة واحدة فى فيلم «خللى بالك من زوزو»، كيف تجاوزنا عن أفلامه «بين القصرين» و«إضراب الشحاتين» و«زقاق المدق»، قال لى صلاح أبو سيف الذى حقق المركز الثانى فى قائمة الأفضل، وله سبعة أفلام من المئة، بينما يوسف شاهين الأول لديه ثمانية، قال لى أبو سيف إن المخرج الجماهيرى الأول فى السينما المصرية هو حسن الإمام، سألته: هل ينافسه صلاح أبو سيف؟ قال لى ولا أبو سيف ولا شاهين فقط، حسن الإمام ينافس حسن الإمام.
أليس لكل من نادية وسعد مساحة من نصيبنا السينمائى على الشاشة، لم تتمتع نادية بموهبة خاصة فى فن الأداء، ولكنها كانت نجمة الشباك، بينما سعد كان بمثابة الموجة الثانية لثورة المضحكين الجدد التى أطلقها هنيدى عام 1997، ليحتل هو بعدها بخمس سنوات كرسى العرش.
ورغم ذلك فإن الجمع بين القيمة الفنية والشعبية ممكن، والدليل أن فريد شوقى جاء اسمه فى الترتيب الأول كأفضل نجم فى قائمة المئة برصيد سبعة أفلام، فى نفس الوقت كان هو ملك الترسو البريمو فى السينما العربية!!