يخوض فريق النادى الأهلى مباراته الثانية فى بطولة العالم للأندية غدًا عندما يلتقى بطل المكسيك. نتمنّى للأهلى التوفيق الذى تخلّى عنه فى مباراته الأولى التى خسرها أمام نادى جوانزو الصينى بطل آسيا.
من حق لاعبى الأهلى أن يحزنوا للهزيمة التى تلقوها وكان من الممكن تفاديها، خصوصًا أن بعض لاعبى الفريق كانوا يريدون أن يودّعوا الملاعب فى هذه البطولة، وكانوا يأملون أن يجدوا فيها تعويضًا عن الخروج من كأس العالم.
لكن من حق فريق الأهلى أن نقف وراءه، وأن نقول له شكرًا على ما أنجزت، فالهزيمة ليست آخر الدنيا، وقد أدّى الفريق بجدية وشرف رغم الظروف المعاكسة. وما أنجزه الفريق بحصوله على بطولة أندية إفريقيا خلال العامين الماضيين هو إعجاز كروى بلا شك، فى ظل توقف الكرة فى مصر وتدهور الأحوال المالية للأندية، والأحداث السياسية التى كادت تعصف بوحدة الفريق.
ما حققه النادى الأهلى خلال العامين الماضيين هو الذى يجب أن نتوقف عنده، وليس الهزيمة فى مباراة أو الخروج من بطولة. أن تستطيع منظومة العمل فى النادى الاستمرار رغم كل الظروف السيئة، وأن تمضى الأمور بأقل قدر من التراجع. وأن يتحمّل الجميع مسؤولياتهم ويحتفظوا بالولاء لناديهم العريق. وأن يتم احتواء خلافات كان يمكن أن تدمّر الفريق تدميرًا كاملًا، هذا هو ما ينبغى أن نتوقف عنده، لأنه كان الطريق لإنجاز هائل هو الفوز ببطولة أندية إفريقيا المرة بعد الأخرى، وأن تقهر كل العقبات، وأن ترسم بسمة على وجوه الملايين وهى فى أشد الحاجة إليها.
نحن نعرف أن الفريق يحتاج إلى تجديد، ولكن التجديد يحتاج إلى إمكانيات مادية حتى تستطيع الحصول على البديل المناسب. فى الموسم الماضى فقط خسر الأهلى جهود بركات وجدو وحسام غالى، ومنعت الإصابة عماد متعب من المشاركة فى معظم المباريات. ومع ذلك استمر الفريق فى الأداء الطيب رغم تقدّم العمر بأبو تريكة ووائل جمعة، ورغم أن الفريق (فى غياب متعب) لم يكن لديه مهاجم حقيقى يليق ببطل إفريقيا لسنوات.
ما يواجهه الأهلى يواجهه باقى الأندية، وبعضها يكافح وبعضها على وشك الانهيار وإذا كان دعم الدولة مطلوبًا، فإن تكاتف الجهود داخل الأندية أهم لاكتشاف طرق التعامل مع الأزمة والخروج منها.
والحديث هنا يتعدّى الأندية، فكل مؤسسات الدولة تمر بفترة صعبة وتحتاج إلى جهد كبير، لكى نعيد بناءها فى ظل الظروف الجديدة. والأسئلة هنا كثيرة والاجتهادات لن تتوقف، وبعض المؤسسات تبذل جهودًا طيبة فى هذا الطريق، وعلينا أن ندعمها إذا تعثّرت، وبعضها يحتاج إلى إعادة بناء كاملة وإلى موارد غير متوفرة، وعلينا أن نجد سبيلًا للتغلب على ذلك.
مثل النادى الأهلى.. سوف تجد مؤسسات عديدة تواجه مأزق التجديد ومحدودية الإمكانيات. وسوف تجد مَن يقول «انسف حمامك القديم» دون أن تكون لديه القدرة على تصور الجديد أو الإمكانيات لوضعه موضع التنفيذ!!
وسوف تجد مَن يتمسّك بالقديم حتى ولو كان عاجزًا عن المشى لا الجرى فى ملاعب الكرة، أو مدمنًا للفشل فى مؤسسات الدولة!! وسوف تجد على العكس مَن يريد الدفع بالجديد دون إعداد أو تهيئة للظروف، مستهدفًا «حرقه» لا مساعدته!!
والأدهى من كل ذلك أن تبتعد الكفاءة عن أن تكون المقياس الحقيقى للاختيار، وأن لا تكون المصلحة العامة «أو مصلحة الفريق» هى الأساس، وأن نعجز عن إيجاد «التوليفة» المناسبة التى تستفيد من خبرة الكبار، وتمزجها بحماس الشباب، ليكون لديك الفريق المؤهل للفوز فى الملعب.. أو فى الحكم!!
سوف تسأل بالطبع عن اعتزال أبو تريكة، والإجابة بعيدًا عن أى تدخلات غير رياضية، هى أن القرار قراره، ولكنه يعتمد على أشياء كثيرة. فأبو تريكة يمكن أن يلعب عامًا أو عامين بكفاءة، ولكنه لن يكون كما كان من خمس سنوات!! وأبو تريكة سيظل لديه ما يقدّمه، ولكنه سيفعل ذلك بطريقة مميزة إذا كان اللاعبون حوله من طراز بركات وفلافيو ومتعب قبل الإصابة!! كان أبو تريكة فى قمته عندما كان يلعب ومعه عشرة من النجوم فى الفريق، يساعدونه على التألق. الآن سيكون العبء مضاعفًا، فليس فى الفريق إلا لاعبين أو ثلاثة من هذا الطراز.
لهذا يستحق الأهلى كل التحية على ما أنجزه رغم نقص الصفوف وضعف الإمكانيات، ورغم الظروف التى تمر بها الكرة فى مصر. وكل الثقة فى أن الأهلى سيقدم مثالًا طيبًا فى إعادة بناء الفريق وإيجاد البديل الكفء واستمرار «المرض» الذى يعانى منه منذ سنوات طويلة وهو «إدمان النجاح»!!