فى اللغة الإنجليزية تعبير مكوَّن من كلمتين اثنتين تناقض كلتاهما الأخرى لدرجة تصدم أذن وعين المستمع أو القارئ فينتبه وتستيقظ حواسه. الكلمتان هما «boiled ice»، وترجمتهما الحرفية «ثلج مسلوق»، وتُستخدمان عندما يريد المتحدث أو الكاتب أن يختصر كلامًا كثيرًا فى وصف استحالة ولا معقولية أمر ما، فالثلج طبعا إذا حاولت سلقه لا يمكن أن يبقى ثلجًا وإنما فورًا وبمجرد أن يقترب من حرارة النار يسيح ويتغير قوامه ويفقد كتلته المتجمدة ويستحيل ماءً سائلًا، ثم كان الله بالسر عليمًا.. أليس كذلك؟!
ولكن أول من أمس سمعنا بمحاولة خيبانة تمامًا مثل أصحابها لبيعنا ذلك «الثلج المسلوق»، فأما الخيبانين الذين تهاطلوا «من الهطل» علنا علينا وعلى أهالينا بعدما سرح الوهم بعقولهم الفارغة وأقنعهم بأننا نماثلهم فى الغباوة والجنان الرسمى ومن ثم نصلح زبائن لبضاعتهم الوهمية، هؤلاء هم قطيع مسكين يسمى نفسه (من باب الدلع الإجرامى) تحالف «دعم شرعية» جماعة الشر حتى تعود بالعافية والبلطجة وقلة الأدب غصبًا عن عين الشعب المصرى الذى أسقط مشروعها التخريبى الفاشى واستأصل شأفتها السامة من بدن دولته وأزاح عارها من على جبينه إلى الأبد.
فأما ثلجهم المسلوق فقد كان عبارة عن مبادرة خرافية أطلقوها وهى لا تكاد تقول شيئًا يستحق الذِّكر اللهم إلا طلب عودة العصابة إلى سابق عهدها تعربد وتخرب وتعرقل مسار تقدم وبناء هذا الوطن مثلما فعلت طوال عمرها الذى طال أكثر مما ينبغى، كأن لا ثورة عارمة وأسطورية قامت فى الثلاثين من يونيو الماضى، ولا شعب دفع من دمه وأرواح المئات من أبنائه ومصالحه الحيوية ثمنا باهظا للخلاص من ثقلها الرهيب على صدره، مع تجاهل مثير للغيظ والقرف لكل جرائم القتل والترويع والتخريب والخيانة الوطنية والاستقواء بالأسياد الأجانب على شعب وجيش هذا الوطن.. هكذا وكل عام وأنتم بخير!
ومع ذلك فإن بعض الناس ربما قرأ فى محاولة تقديم وجبة «الثلج المسلوق» للمصريين من جانب هؤلاء المساكين فى عقولهم، بداية استسلام وأن فيها اعترافًا ضمنيًّا ومراوغًا بالهزيمة، فضلًا عن أنها تحمل فى طياتها شعورًا خافتًا باليأس، وقد تشى بما يشبه الإقرار بأن الإمعان فى السفالة والسباحة الطويلة فى مستنقع الإرهاب والإجرام لم يُفِدهم. هذه القراءة وإن كانت لا تخاصم الصواب كثيرًا، فإنها فى الوقت ذاته لا تأتى بشىء جديد يستحق الاهتمام، إذ ليس فيها ما يُنبِئ بأن الأشرار على وشك ابتلاع حقيقة أن مشروعهم التخريبى انتهى ومات فعلًا وتعفنت جثته بينما هم يقاومون على مدى أسابيع طويلة وبالبلطجة والأذى العمومى، تنفيذ واجب دفن الجثة نهائيًّا فى مقبرة التاريخ.
غير أن هناك قراءة أخرى للعبارات التى هلفط بها أعضاء «تحالف الشر» آنف الذكر وهم يُسوقون أول من أمس أحدث بضائعهم المشمومة ويحزقون لقلى الثلج، هذه القراءة تقود إلى يقين لا يقاربه أو يداعبه أى شك خلاصته أن «العصابة» وأتباعها وخدامينها جميعًا ذهبوا فى الجنان الرسمى إلى نقطة بعيدة جدًّا فى ملكوت العبث وفضاء الخبل.. يعنى، انظر مثلا إلى غرورهم وعجرفتهم المضحكة وهم يهددوننا وينذروننا بأن عمر «مبادرتهم» التعبانة أسبوعان اثنان فقط لا غير، إذا انقضيا دون أن نركع ونستجيب فسوف لا يكتفون بسحبها والتراجع عنها، ولكنهم سيضعون السيخ المحمى فى «سرسور ودننا»، كذلك!
ولا حول ولا قوة إلا بالله.