فى ٧ فبراير ٢٠١١، كتبتُ فى عمودى هنا بجريدة «المصرى اليوم» مقالا بعنوان: «احذرْ كتاب التاريخ». كان بمثابة نداءٍ آخر للرئيس السابق حسنى مبارك لكى ينزل على إرادة الشعب المصرى ويتنحى. كتبت: «لا أحدَ يُنكر على الرئيس مبارك منجزاته فى بداية ولايته.. لذلك من اللائق تنازله عن السلطة فى وداع رسمىّ جماهيرىّ أنيق، يليق بحاكم مصر. فمحكمة التاريخ لن تمرِّر لنظامه ما فعله بشعبه من ترويع، فقط لأنهم اختاروا أن يحرروا وطنهم من حكم شمولىّ طال عهده، التهمَت فيه بطونُ حاشية البلاط كلَّ ثروات مصر، ليتركوا بطونَ ملايين المصريين خاوية. محكمةُ التاريخ لا تغفر، ولا تنسى. عمياءُ مثل «ماعت» ربّةِ العدل الفرعونية. لا تجاملُ السلطانَ على حساب بؤساء لا سند لهم سوى أحلامهم. فالمصريون أولُ من أقرّوا العدلَ فى الأرض، قبل التشريعات وقبل الأديان. كان بوسعكَ أن تنقذَ صفحتك، وتسجل فى تاريخك سابقةً لم يعرفها حكّامُ العرب، لو أصختَ السمعَ لصوت شعبك، وتنحيتَ. لكنها العِزةُ التى تأخذنا بالإثم!»، ثم اختتمتُ مقالى بما يلى: «سيتعلم الصغارُ من أبناء مصر، بعد سنوات، فى كتاب الصف الرابع، أن نسرًا جويًّا جسورًا أنجز ضربة جوية أتت لنا بنصر أكتوبر، بيدٍ، لكنه، باليد الأخرى، بعدما اعتلى عرشَ مصر، صنع نظامًا فاشيًّا رمى شعبه على مدى ثلاثين عامًا إلى حضيض الفقر والمرض، بينما أغدق على حاشيته ومنافقيه من جيب مصرَ السخىّ، ما لن تسامح مصرُ فى إهداره. سيادة الرئيس، احذرْ كتابَ التاريخ». هنا المقال:
http://today.almasryalyoum.com/article2.aspx?ArticleID=286992
وعلى ذكر كتاب التاريخ، لا أوافق على محو عام مرسى من ذاكرة مصر. (كما كانوا يشخبطون على صورة الملك فاروق فى أفلام ما بعد ثورة ٥٢). بل لا بد أن يقرأه النشءُ القادم لكى يتجنبوا الوقوع فى الوحل. مثلما فى أوروبا يتركون المبانى التى دمرتها الحرب العالمية مصدعةً، وآثارُ القنابل عليها كما هى، دون ترميم أو تجميل، من أجل أن يكره الأبناءُ الحروبَ، فيتجنبوها.
لكن مهلاً، لماذا، حين ذكرتُ مبارك، كتبتُ: الرئيس «السابق»، وليس «الأسبق»؟! لا بد أن عقلى الباطن، الأصدقَ دائمًا، هو الذى يُملى علىّ كلماتى، فأسقطَ من حسابات مصر وتاريخها هذه الحقبة التعسة التى خُيّل إلينا فيها أن خيالاً هشًّا مرَّ بمصر فيما يُسمى مجازًا: «رئيسًا منتخبًا»، راهن عليه نفرٌ من الشعب، ورفضه نفرٌ من الشعب. على أن الرافضين، وأنا منهم، صبروا صبر المؤمنين علّ هذا الخيالَ يتجسّد واقعًا طيبًا يُنقذ مصر وثورتها، فإذا به يتبدد إلى سحابة سوداء كادت تودى بمصر والمصريين. سنذكرك يا مرسى كسطر أسود فى كتاب تاريخ مصر العريق.