لم أذهب إلى أفكار الدكتور يحيى نورالدين طراف منذ فترة. أعود الآن إليه. رسالته مهمة. يقول: «نعى وزير الداخلية بصفحة الوفيات يوم الجمعة أمين الشرطة محمد أحمد المرسى والعريف شرطة رضا جلال السيد اللذين استشهدا فى بورسعيد وهما يؤديان واجبهما تجاه الوطن، ونعى كذلك الرقيب شرطة عبدالمنعم السيد أحمد من العريش، الذى قتله الإرهابيون فى منزله أمام زوجته وأطفاله باثنتى عشرة رصاصة.
ولم أشعر من النشطاء أو الذين يدعون أنهم ثوار من أحد أو أسمع لهم ذكراً فى الفضائيات أو مواقع التواصل الاجتماعى بخصوص هؤلاء الشهداء، بينما يملأون اليوم الدنيا صياحاً وعويلاً على شهداء محمد محمود، وهم قد أعدوا عدة النزول والفوضى فى ذكراهم الثانية يوم ١٩ نوفمبر!!.. لا يبكى النشطاء من شهداء الوطن إلا زملاءهم وأصدقاءهم، أما شهداء القوات المسلحة والشرطة الذين يسقطون بنيران الإرهاب كل يوم، فلا بكاء لهم من النشطاء.
من أجل هذا فشل النشطاء، ولقد سُرقت منهم من قبل ثورة ٢٥ يناير، وهناك من ينزغ بينهم اليوم ليسرق منهم كذلك ثورة ٣٠ يونيو. لن يفلح النشطاء حتى يدركوا أن قضية الوطن واحدة لا تتجزأ، وأن شهيد الوطن واحد، وأنه لا يليق بالثوار أو مدعى الثورة أن يطلبوا القصاص لشهيد ويغضوا الطرف عن آخر، فهذا لا يكون إلا فى خبيث من المذاهب، رجس. وأنا أربأ بهم أن يكونوا عوناً، بقصد أو بغير قصد، للخونة الإخوان، الذين هم أصحاب المصلحة العليا الأولى والأخيرة فى تأجيج ذكرى شهداء محمد محمود الآن، بدعوى القصاص من قتلتهم، وهم فى زعمهم المجلس العسكرى والسيسى، كما صرح الأحمدان دومة وحرارة. والذين هم أيضاً أصحاب المصلحة العليا الأولى والأخيرة فى طمس ذكرى شهداء الشرطة والجيش، وذلك حتى لا ترتفع دعوة القصاص من قتلتهم، الذين هم الإخوان وأهلهم وعشيرتهم».
يذهب طراف إلى نقطة جدلية جداً فى الفقرة الأخيرة. تلميحاته بشأن الناشطين أحمد دومة وأحمد حرارة. ليس هذا من طبيعة خواطرى. أنتقل إلى النقطة الأهم. الفكرة الأعمق. وردت فى الرسالة. كل فريق يرى أن قتلاه أرقى. أعظم من غيرهم. ليس مهماً أن يموت الآخرون. المهم ألا يموت من ينتمون إليه هو. الإخوان لا يرون قتلى فى أحداث رابعة إلا من يتبعونهم. لا يرون أى شىء آخر. لا يعيرون انتباها لمن قتل من بين المواطنين. لا يعيرون انتباها لمن قتل من الشرطة والجيش. لا يعيرون انتباها لمن دفع كل هؤلاء الضحايا لكى يموتوا. ما هو السبب المقنع. هل هو الدفاع عن محمد مرسى ضد ثورة شعبية.
النشطاء مريضون بما أصاب الإخوان. لا تعرف من الذى أخذ من الآخر. يكفرون الدولة سياسياً بطريقة التكفير الدينى. محصلة التصريحات التى يقولها النشطاء ليست بعيدة عن محصلة التصريحات التى يقولها المتطرفون. عدوانية تجاه مؤسسات بعينها. من هم خصوم الإخوان الآن: الداخلية والدفاع؟ الحملة التى يقوم بها النشطاء الآن.. تستهدف من؟ الداخلية والدفاع؟ كيف حدث هذا التلاقى مجددا؟ لماذا؟ ما هى أهداف ترويجه إعلاميا؟ هل النشطاء مخترقون من قبل الإخوان؟ هل هم قليلو الخبرة؟.. أسئلة أطرحها. لم أجد عليها إجابة لدى!