ثلاث جرائم، تعاطى مخدرات وسكر واختراق حظر التجوال، لعدد من الفنانين تناولتها الصحافة مؤخرا، وكالعادة بمساحات مبالغ فيها، وبنهم لا يعرف الحدود، وذلك لضرب عصفورين بخبر واحد، العصفور الأول هو إحداث ثغرة فى حائط الملل الصحفى، حيث أصبحنا أسرى خبر ثابت، صورة لعمرو موسى وبجواره محمد سلماوى نجمى لجنة الخمسين وهما يؤكدان لا تراجع ولا استسلام عن طرح الدستور للاستفتاء فى موعده، بينما مدنية الدولة معرضة للإلغاء، فى ظل هذا الدستور الذى شابه مثل أخيه التوأم الذى صاغه الإخوان، كل ما يجعل الطعن فى مشروعيته متاحا للجميع ومن كل الاتجاهات.
العصفور الثانى الذى يجذب القراء وعلى مختلف الاتجاهات هو أننا نحب النميمة، صحيح أننا فى العلن نلعنها ولكننا فى الحقيقة نعشقها، والدليل أن برامج انتهاك الأعراض هى التى تحظى بالمركز الأول من كثافة المشاهدة فى الفضائيات وعلى الـ«يوتيوب».
الصحافة لم تكتف بهذا القدر، فهى تكتب قبل الإدانة، وأصبح السؤال ماذا بعد، وهل يواصل هؤلاء الفنانون المشوار بعد انتهاء فترة العقوبة، تخيلوا وصلنا إلى العقوبة قبل أن يتم إثبات الإدانة.
كثير من جرائم المخدرات أو الدعارة، وإن شئت الدقة أغلبها، عندما تقع فى يد محام شاطر يضمن البراءة لموكله، هناك دائما أخطاء فى الإجراءات، تجعل القاضى يرفض الاتهام من ناحية الشكل فيسقط على الفور الموضوع، ويحصل المتهم على البراءة، حتى ولو ضبط وهو يتعاطى المخدرات أو ضبط متلبسا بممارسة الدعارة، مؤخرا قرأت لنجم شاب بعد الإفراج، أنه علم من محاميه أن إذن النيابة كان يتضمن فقط اتهامه بامتلاك قنبلة، حيث إنه كان قد هدد قبل يوم فقط من ضبطه باستخدامها فى مشادة عابرة، وعندما تم التفتيش وجدوا الكوكايين واتضح أنها ليست قنبلة، ولكنها ولاعة اتخذت ملامح القنبلة، ولكن ما دام إذن النيابة لم يتضمن ذلك لا يعتد فى هذه الحالة بجسم الجريمة.
بين من ترددت أسماؤهم تلك الفنانة الشابة التى كنا نترقب لها مستقبلا واعدا فى دنيا التمثيل، بعد أن حققت قفزة جماهيرية فى رمضان الماضى، ووقفت على بُعد خطوات ضئيلة من النجومية، وأشدت بها أنا وغيرى من النقاد، ولكنها مع الأسف ألقوا القبض عليها وهى تشترى الكوكايين، والتاجر اعترف أنها ليست وحدها، هناك قائمة أخرى، ولم تكن المرة الأولى التى نكتشف فيها أن لدينا قائمة من الفنانين تتعاطى المخدرات، حدث فى قضية مماثلة كانت حديث الناس قبل ثلاث سنوات أن ترددت أيضا حكاية القائمة.
عدد من النجوم وفى كل العالم يقعون أسرى التعاطى، والبعض يعترف علنا ويبدأ رحلة العلاج، ولكننا لم نتعود على الاعتراف، ولكن النفى والإنكار هما السلاح الأول، رغم أن الإدمان مرض تلعب فيه الوراثة دورا، حيث إن البعض يحمل جينات تدفع به إلى الإدمان، كما أن الحياة الفنية بطبعها والتى تشبه لعبة «السلم والثعبان» فى ارتفاعها وهبوطها، تهيئ الفنان أكثر من غيره للهزات العصبية ويصبح مدفوعا بعدها إلى الإدمان، مثل ماكولاى كالكين، هذا الطفل الجميل الذى شاهدناه قبل أكثر من عشرين عاما فى مجموعة أفلام «وحدى فى المنزل»، فوجئت به بعد أن تخطى الثلاثين وقد أصبح يحمل وجه رجل متهالك عجوز قضت عليه السنوات!!
ماكولاى هو نموذج لنجاح الطفل الذى يمتلك فى لحظة كل شىء شهرة وفلوس وحضور وتألق، ثم بعد ذلك خفوت تام، وكأن الله منحه فى سنوات قليلة كل شىء، لكنه لم يحافظ بعد ذلك على أى شىء وبدأ رحلة الإدمان!!
ومن أشهر الذين أخذتهم تلك الدائرة نجم مصرى فقدناه قبل نحو عام، كان واحدا من أربعة أو خمسة فنانين تجمعهم تلك المصيدة، إلا أنه صاحب الحظ الأسوأ بينهم، وكثيرا ما تم إلقاء القبض عليه متلبسا، أول ما يفعله فى التحقيق أن يشى بالشلة، إلا أنهم فى ما يبدو أكثر قدرة على الهروب من الملاحقة الأمنية!!
الكثيرون يشعرون بنفور من المدمنين، ولكنى أراهم مرضى، فإذا لم تكن قادرا على أن تشفق على المريض فلا أقل من أنك لا تزدريه.
وتبقى الصحافة التى سوف تجد نفسها خلال الأيام القادمة فى قفص الاتهام بتهمة التشهير، فهل نتعلم الدرس ونرجئ الاتهام حتى تتم الإدانة!!