قالها الرائع يحيى الفخرانى فى أوبرا عايدة، حيث لم يجد المحامى أبدع منها كلمة للرد على اتهامات وحجج وكيل النيابة المسهب.. قال له «اتلهى»! بلهجة توحى بـ«اخرس».. وعندما عنفه القاضى، دافع بقوله اتلهى أى «اتلُه» وأوضح لنا.
بنفس اللهجة ونفس التبرير تجد نفسك تريد مخاطبة العديد من الأشخاص والجماعات والأحزاب من حولنا، صدعونا كلام وحجج وتبريرات فارغة.. ولا تجد شيئا تقوله إلا.. اتلهى!
كلاكيت تانى مرة ثورة، تانى مرة مرحلة انتقالية. والحال هو الحال، الحكومة فى واد والناس فى واد آخر. الأحزاب فى بياتها الدائم داخل مقراتها، والإعلام يبرر ويوجه. المهمشون يزدادون فقرا، والعيش والحرية والعدالة الاجتماعية، فى تراجع. والكل يبشر باستفتاءات وانتخابات (تانى ولا تالت)، ولا يعلم أحد، دا له علاقة بحياتنا؟ يا ترى هيكون له أى أثر إيجابى على أحوال الفقراء المرة دى؟ ولا مجرد محطة فى محطات صراع السلطة بين جماعات وفئات متشابهة المصالح؟
أحزابنا وجماعاتنا الثورية، من سنتين قالولنا لا.. الانتخابات بدرى، مش مستعدين محتاجين سنة على الأقل نجهز. طب إيه الوضع النهارده بعد 3 سنوات.. مستعدين؟؟؟ لأ لسه شغالين تطبيلات وتكتلات لخوض الانتخابات، والمنظر هو هو. مش جاهزين، ويظهر مش ناويين يجهزوا فى سنينهم كلها! نفس الأداء المايع، مش فالحين إلا فى تربيطات خايبة فى ما بينهم، ولا أحد يفكر فى التربيط مع الناس فى الأحياء الفقيرة والمهمشة، مع الناخب الحقيقى اللى نزل مرة واتنين وعشرة عشان قوته وحريته. ناويين على الفوز فى الانتخابات؟! وليه لأ ما أهم حاجة حصلت، وانزاح المنافسين. إذن لازم نفوز «بالتزكية» بزهق الناس وإحباطهم. حملتنا اليوم.. ليست النزول للناس نبشر ببرامجنا المحققة لأهداف الثورة، لكن برنامجنا هو محاربة عودة المنافس الشرس! وبكده نضمن النصر؟
الحزبى، الثورى، الوطنى، الليبرالى، اليسارى، المناضل، المتجرد، المتسق! كُثر أحاطوا بنا منذ الثورة، لكن صورتهم اليوم أكثر وضوحا، المدعى، المتطلع، الانتهازى، الأفاق، الطامع، المشتاق. لدينا والحمد لله الشىء ونقيضه فى نفس الأشخاص!
ضاق صدرك وعقلك من أدعياء لا يُحصَون، ولا يتوقفون عن الصراخ. والمحصلة، لكن لا أحد يعلم إلى أين المسير. لا نعرف كيف نتعامل مع الفرصة لثانية.. ولن نستطيع ما دام لا شىء يتغير حقيقة، نفس الجماعات والأشخاص، ونفس الأداءات.
ولا تجد شيئا ترد به إلا رد أوبرا.. بنفس اللهجة ونفس التبرير..اتلهى! كفاية كلام وحجج، اللى يقدر على فعل وعمل حقيقى يتفضل.. أو يتلهى!
اللى يؤكد لك إن علان ليبرالى يسارى ثورى علمانى مدنى تقدمى.. طلق عشيرته ورفض مواقفها، ولا يسعى إلا لمصر قوية.. قول له اتلهى.
واللى يقولك، هو وحده المناضل القومى، المنتمى إلينا ولثورتنا، مبدئى لا يهادن ولا يتحالف إلا مع من هم على خطه الوطنى، وإن تحالفاته الانتخابية السابقة مع المناقضين لزعمه، ليست إلا مناورة سياسية استكشافية.. قول له اتلهى.
ودا الشيوعى.. اليسارى المناضل عشان الغلابة يعيشوا عيشة كريمة، يشاركهم آمالهم ويعايش أزماتهم، لم يتهاون، ولم يتراجع، ولم يكن وقوفه خلف مرشح العشيرة، إلا لنصرة الثورة، وتحقيق أهدافها، قول له اتلهى!
الثورى والمناضل، عاصر الليمون من أجل زميل الثورة اللى لو مش عاجبنا نشيله بثورة الشعب.. شيلناه.. إزاى والشرعية؟ قول له اتلهى بقى.
وفلان من منطلق ديمقراطيته وثوريته، يعمل على تقريب وجهات النظر، وصون وحدة الصف.. قول له اتلهى. الباحث والأكاديمى، لا يرجو إلا رفاه الوطن وإفادة شعبه بعلمه، وحماية الديمقراطية.. دون تطلعات، ولا انحيازات ولا تحولات وتناقضات.. إنهم دعاة الديمقراطية والشرعية... قول له والنبى اتلهى!
واللى يجادلك دى ثورة ولا مؤامرة، ثورة ولا انقلاب، كأن الشعب لم يملأ الشوارع ينادى ويطالب بالخبز والحرية والعدالة، ثم بالتحرر والمساواة والمواطنة، كأن الشعب لم يعبر بعد عما يريد بوضوح وبصوت هادر! قول له اتلهى.
ويقول نحن فى مرحلة انتقالية.. «من إيه لإيه؟ رايحين من فين لفين؟» نحن على طريق ثورة العدالة والمساواة.. قول له اتلهى.
بل هى حكومة إصلاح، مجردة من المصالح، هدفها إنقاذ الوضع الاقتصادى، عينهم على حال الفقراء والمهمشين.. قول له روح اتلهى.
واللى يقولك «أحزاب» «ليبرالية» ولا «يسارية» ولا «قومية وطنية» كأن أى وصف مما ذكر ينطبق عليهم.. قول له اتلهى!
اللى يقولك مؤسسات مجتمع مدنى، وسيط فعال لنقل صوت المواطن للسلطة ويدافع عن قضايا الناس ويعزز حقوقهم.. قول له اتلهى.
واللى يقول منظمات حقوق الإنسان المناضلة المروجة للحقوق والمدافعة عنها فى كل بقعة بلا انحياز ولا توان.. قول له يا شيخ اتلهى.
واللى يقولك إعلام مستقل وثورى، ولا محايد.. قول له اتلهى.
أدينا معنى حقيقى معبر عن أى شىء.. أو اتلهى.. وسيبنا نكمل فرجة!