التكنولوجيا أصبحت عاملا هاما ومؤثرا فى كثيرا من مجالات الحياة، ومنها بالطبع كرة القدم.. لا أتحدث فقط عن طرق التدريب أو الإدارة أو حتى التسويق بل أتحدث أيضا عن صناعة اللاعب وبرمجة الفريق.
اللاعب الموهوب بالفطرة لم يختفِ تماما من الملاعب وإن أصبح وجوده نادرا بينما اللاعب المصنوع انتشر بشدة وأصبح هو السمة السائدة، خصوصا بعد أن يتم تطعيمه (بمصل) المهارات الفنية ليبدو أكثر طبيعية. الحال نفسها يمكن تطبيقها على الفرق.. فهناك الفرق المهارية بالفطرة وهناك الفرق (سابقة التجهيز) المبرمجة بدنيا وخططيا.
يمكننا أن نتخذ ليو ميسى كمثال للاعب الموهوب وجاريث بيل (لاعب ريال مدريد وأغلى صفقة فى العالم) مثالا للاعب المصنوع، ويمكننا كذلك اختيار منتخب البرازيل كنموذج للفريق المهارى، بينما نختار منتخب إنجلترا نموذجا للفريق المبرمج.
اللاعب الموهوب غالبا لا يتمتع ببنية قوية أو بلياقة بدنية عالية ولذلك تكثر إصاباته وغياباته، ورغم ذلك فإن عمره فى الملاعب يكون أطول لأنه يعتمد بالأساس على مهارته الفطرية فى التسجيل وعلى ذكائه التلقائى فى التحرك والتمرير دون الحاجة إلى بذل مجهود كبير، يكفى أن تصله بعض الكرات القليلة فى أثناء المباراة ليُحدث الفارق وليرجح كفة فريقه. هذا اللاعب يفاجئك دائما بما هو غير متوقع، ويكون هو كلمة السر فى معظم الانتصارات مما يجعله يتمتع بمكانة خاصة عند الجماهير ويعيش فى ذاكرتهم عشرات السنين.
اللاعب المصنوع يتمتع دائما ببنيان جسدى قوى وبلياقة بدنية خارقة.. ورغم ذلك فإن مشواره فى الملاعب غالبا لا يكون طويلا؛ لأنه يعتمد اعتمادا كليا على سرعته فى الاختراقات وقوة التسديدات وإجادته ألعاب الهواء.. بمجرد أن تهبط لياقته البدنية أو يقل مجهوده فإنه يفقد فورا أكثر من نصف توهجه، ويتم البحث عن صناعة بديلة له.
هذا النوع من اللاعبين لا يستغل كل الكرات التى تصل إليه فى أثناء المباريات بالشكل الأمثل، ولذلك يحتاج إلى أن تصله عديد منها، ليتمكن من اقتناص بعضها فى تسجيل الأهداف. يتمتع هذا اللاعب أيضا بحب وإعجاب الجماهير خصوصا من النساء والمراهقين الذين يعجبون بوسامته وتكوينه الجسمانى أكثر من إعجابهم بمستواه الكروى، غير أن هذا الإعجاب يرتبط دائما بقدرته على العطاء وبقائه تحت الأضواء وبمجرد أن يأفل نجمه يدخل إلى دائرة الظل والنسيان.
الفريق المهارى يعتمد غالبا على القدرات الفنية والفردية للاعبين الذين كثيرا ما ينسون الانضباط التكتيكى فى الملعب، خصوصا فى الدفاع، مما يعرضهم لتلقى العديد من الأهداف.. إلا أن فلسفتهم فى ذلك كما قال أحد مدربى البرازيل ذات مرة(ليس مهما أن يتلقى فريقى هدفا أو اثنين من المنافس ما دمنا قادرين على إحراز خمسة أو ستة).
هذا النوع من الفرق بدأ فى السنوات الأخيرة تغيير نمط أدائه وتعديل اختياراته للاعبين ليصبحوا أكثر قدرة على القيام بالنواحى التكتيكية والدفاعية، بعد أن بدأت البطولات تتسرب من بين يديه، إلا أن الطبع يغلب التطبع وما زال الأسلوب الفردى المهارى هو سمة هذه الفرق وطابعها المميز الذى يميل إلى الإبهار على حساب الفوز أحيانا. الفريق المبرمج يعتمد بالأساس على اللعب الجماعى وعلى استغلال عاملى اللياقة والقوة البدنية.. أفراده ليس لديهم حرية التصرف أو الابتكار داخل الملعب عليهم فقط تنفيذ ما يطلب منهم بحذافيره. غالبا ما يحاول هذا النوع من الفرق تسريع إيقاع اللعب لإرهاق منافسه بدنيا كما يلجأ إلى أسلوب لعب الكرات الأمامية الطويلة التى تتطلب سباقات سرعة مع اعتماده الكامل على الكرات الثابتة والهوائية فى تسجيل الأهداف. اهتمامه الأكبر ينصب دائما على تقوية خط الدفاع وخط الوسط حتى يتجنب تلقى أهداف قد لا يتمكن من تعويضها. رغم كل ذلك فإن هذه النوعية من الفرق أصبحت تحقق مؤخرا نجاحات لافتة خصوصا فى البطولات الكبرى. لا شك أن لكل نوع منهما معجبيه وعشاقه.. إلا أن الفوارق بينهما فى المذاق والطعم تظل دائما قائمة.. تماما مثل الفارق بين الوجبات السريعة والأكل البيتى.