ايجى ميديا

الجمعة , 27 ديسمبر 2024
ايمان سمير تكتب -وقالوا عن الحرب)مني خليل تكتب -اثرياء الحرب يشعلون اسعار الذهبكيروش يمنح محمد الشناوي فرصة أخيرة قبل مواجهة السنغالايمان سمير تكتب -عيد حبعصام عبد الفتاح يوقف الحكم محمود بسيونيمني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الرابعالمصرى يرد على رفض الجبلاية تأجيل لقاء سيراميكا: لماذا لا نلعب 9 مارس؟مني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الثالثمني خليل - احسان عبد القدوس شكل وجدان الكتابة عنديالجزء الثاني / رواية غياهب الأيام كتبت / مني خليلإحاله المذيع حسام حداد للتحقيق وإيقافه عن العملتعاون بين الاتحاد المصري للدراجات النارية ودولة جيبوتي لإقامة بطولات مشتركةغياهب الايام - الجزء الاول - كتبت مني خليلاتحاد الكرة استحداث إدارة جديدة تحت مسمى إدارة اللاعبين المحترفين،كيروش يطالب معاونيه بتقرير عن فرق الدورى قبل مباراة السنغال| قائمة المنتخب الوطني المشاركة في نهائيات الأمم الأفريقية 🇪🇬 .... ⬇️⬇️اللجنة الاولمبية تعتمد مجلس نادي النصر برئاسة عبد الحقطارق رمضان يكشف سر عدم ترشح المستشار احمد جلال ابراهيم لانتخابات الزمالكنكشف البند الذي يمنع الدكتورة دينا الرفاعي من الاشراف علي الكرة النسائيةوائل جمعة نتتظر وصول كيروش

حول مفاهيم الليبرالية والعلمانية

-  
نشر: 15/11/2013 5:26 ص – تحديث 15/11/2013 9:12 ص

فى فيلم «البداية» لصلاح أبو سيف يفرض رجل أعمال نفسه رئيسًا على مجموعة نجا معها بحياته بعد سقوط طائرتهم فى الصحراء، ويعين حفاظًا على النظام والأمن شرطيًّا كان بطل ملاكمة ويعطيه لقب «قوماندا»، يشرح له مهماته وسلطاته وينبهه إلى خطورة شاب مثقف شايف نفسه حبتين وبيتفلسف وممكن يعمل مشاكل، لأن ده.. وهنا يتوقف الريس ويستغفر الله العظيم قبل أن ينطق الكلمة الملعونة، ثم يحاول مرة أخرى: ده.. وتحتبس الكلمة فى فمه مرة أخرى ويعاود الاستغفار بالله، ويزوغ بصره يمينًا وشمالًا قبل أن يبحلق للقوماندا ويستغفر الله مرة ثالثة، وينطق بالكلمة، مشددًا على حروفها: ده والعياذ بالله.. ديييموووقراااطى..

ويفغر القوماندا فاهه من هول الصدمة صائحًا: يا خبر أسود! ويؤكد لسيده أنه سمع عن هذا الجنس أحيانًا، لكنه لم يرَ أحدًا منهم فى بلدنا حتى الآن.

الريس هنا يمارس ما لا بد أن يفعله كل من يسعى للسلطة أو أن «يبلط» فيها، وهو التحكم فى المفاهيم السياسية السائدة وتوجيهها الوجهة التى يريدها.

فى هذا المشهد ينفذ الريس مباشرة إلى مكمن «الخوف من المجهول» فى نفسية القوماندا ليوضح له مفاهيم الحياة وشؤون الكون. بنفس هذا الأسلوب، تمكن التيار الإسلامى وبسرعة مذهلة بعد (ورغم!) ثورة ٢٥ يناير من تحديد المفاهيم السائدة فى مصر حول التيارات السياسية التى تقف فى الجانب الآخر. وأصبح تعريفها الوحيد هو أنها «فى الجانب الآخر». وروج الإسلاميون لأسطورة أن لديهم «مشروعًا كبيرًا اسمه الإسلام»، وأن القوى السياسية الأخرى ليس لديها ما تقدمه، وبالتالى فليس هناك تعريف محدد لها. وتولى الإسلاميون أنفسهم تسمية الآخرين بما يحيطهم بضبابية تطمس معالمهم، مثل «الليبرالية» و«العلمانية». والأدهى والأمر أن هذه التيارات أنفسها وقعت فى هذا الفخ وقبلت هذه المسميات، ولم يعد خطابها السياسى يبرز توجهاتها وخصائصها التى تميزها بقدر ما يبرز أنها «فى الجانب الآخر».

الكلمتان «ليبرالية» و«علمانية» أصلهما أوروبى، ولا يمكن فهمهما إلا فى سياق التاريخ السياسى الأوروبى. فالليبرالية نشأت أصلًا، وبصرف النظر عن مسميات الأحزاب، كتيار فكرى للرأسمالية مع بداية الثورة الصناعية، تقوم على مبدأ السوق الحر، ليس فقط بالمفهوم الاقتصادى، بل أيضا كنسق اجتماعى متكامل. ومن أهم مقوماتها استقلال آلية السوق وحصر دور الدولة فى توفير الشروط التى يحتاجها، وقدرة السوق الحر وحده على إقامة مجتمع تتوفر فيه الفرص المتساوية للجميع. بهذا كانت الليبرالية ثورة على الفكر الإقطاعى. كانت هى أول من طالب بالحريات والحقوق التى نعرفها الآن للعامة بعد أن كانت مقتصرة على الخاصة من الطبقات الحاكمة والإقطاعية ورجال الدين. والكلمة فى هذا السياق ليس لها علاقة مباشرة بالدين، إلا من زاوية واحدة، وهى ارتباط الحكام والإقطاعيين على مر التاريخ بمؤسسة الكنيسة، وخاصة الكاثوليكية والأرثوذكسية، واستنادهم فى احتكار الحقوق الأساسية إلى ما كانوا يسمونه «التفويض الإلهى». لكن الليبرالية، وإن كان بعض مفكريها وقفوا موقفًا نقديًّا وأحيانًا رافضًا للفكر الدينى السائد، إلا أنها لم تدخل فى مواجهة شاملة مباشرة مع المؤسسة الكنسية إلا ما اقتضته ظروف الصراع مع الطبقات الحاكمة، ذلك أن المؤسسة الكنسية نفسها كانت قد قطعت فى معظم دول أوروبا الوسطى والغربية شوطًا كبيرًا فى تطوير مفاهيمها، وخاصة بعد حركة الإصلاح الدينى التى ترتبط باسم مارتن لوتر، وظهور الكنيسة البروتستانتية. وكان هذا التطور فى حد ذاته من العوامل التى مهدت للرأسمالية الصناعية وفكرها الليبرالى. ويمكن القول أيضا إن التضافر بين الإصلاح الدينى والليبرالية هو الذى أرسى دعائم الدولة القومية الحديثة. وشهدت هذه الدولة تحالفات راسخة بين الليبرالية والمؤسسة الدينية، زادت بشكل واضح فى مواجهة الحركة الاشتراكية التى كانت عدوهما المشترك منذ منتصف القرن التاسع عشر. بل وأصبح الفكر الليبرالى من المكونات الأساسية للأحزاب التى نشأت فى ما بعد بمرجعية دينية، ومنها مثلا الاتحاد المسيحى الديمقراطى الحاكم حاليا فى ألمانيا، والذى ترأسه المستشارة ميركل، وقد حصل فى الانتخابات الأخيرة على أغلبية شبه مطلقة. وكان يحكم بائتلاف مع الحزب الديمقراطى الحر الذى تمتد جذوره إلى مهد الليبرالية الألمانية.

أما كلمة العلمانية فهى ترجمة لكلمة «secular»، وهى فى رأيى تفسير فلسفى أكثر منها ترجمة لغوية. فهى لغويًّا صفة معناها «دنيوى»، نقيض ما هو «sacral» أى «مقدس». واختيار كلمة العلمانية كترجمة لها يشير إلى السياق التاريخى لهذه الثنائية، إذ إنها شكل من أشكال الثنائية الأبدية والصراع الفكرى الذى شهدته كل العصور وكل الثقافات بين «عالم الجسد» و«عالم الروح»، بين الفلسفات المادية والفلسفات الروحية. الذى أقصده بالسياق التاريخى هنا تحديدًا أن بداية النهضة الأوروبية، التى يحدد المؤرخون لها القرن الرابع عشر، شهدت بداية استقلال المعرفة عن المنابع الكهنوتية وظهور العلوم الطبيعية الحديثة. وربما لهذا السبب اختار المترجمون الأوائل تلك الكلمة، لأنها تشير إلى ظهور «العلم» بمفهومه الحديث كأساس لتدبير شؤون الدنيا، وكبداية النهاية لسيطرة الكهنوت على عقول البشر، وبداية استقلال «العلم» عن «الحكمة»، واستقلال من يديرون شؤون الدنيا عمن يديرون شؤون الدين.

من هنا فإن استخدام التعبيرين، «ليبرالية» و«علمانية»، وكأنهما نقيضان للتيار الإسلامى عبث كامل. فالإسلاميون هم حاليا جزء لا يتجزأ من المنظومة الليبرالية الدولية، منظومة السوق الحر والعولمة الرأسمالية. وهم بهذه الصفة يقومون بدور كبير كحليف للولايات المتحدة فى حربها ضد اليسار وضد كل نزعات التنمية الوطنية المسقلة، كما رأينا بوضوح فى أفغانستان. وكما نرى مؤشراته أيضا فى مصر. وهم فى العالم العربى الحليف الاستراتيجى الوحيد للغرب على هذه الجبهة، ولم نرَ فى التاريخ الحديث حتى الآن أى تحالف شبيه للغرب عامة مع أى قوة سياسية أخرى.

أما العلمانية فلا وجود لها بدون كهنوت وكنيسة «مقدسة»، فهى التى تقف منهما، فقط إذا وجدا، «فى الجانب الآخر». والإسلام كما نعرف يرفض الكهنوت ويرفض قدسية أى من البشر أو من المؤسسات. والتاريخ الإسلامى لم يعرف هذا الصراع الطاحن الذى شهده العالم المسيحى بين الكنيسة التى تحتكر الحق المطلق وبين الدولة. ورجل الدين فى الإسلام ما هو إلا عالم أو فقيه، مجتهد يخطئ أو يصيب.

مقالات أخرى للكاتب
التعليقات