الظَّاهر يا عبدالظاهر إن «مفيش فايدة». آفة حارتنا النسيان. ربما أختلف معك سياسياً. أرفض عدم احترامك قوانين اللعبة. لكن كم أشفق عليك من عقوبات إدارية غير مسبوقة لا تتسق بأى حال من الأحوال مع عشرات المخالفات المماثلة السابقة. أشفق عليك أكثر.. من مجتمع أعور الرؤية، شامت لا يرحم.
«مفيش فايدة» لأننا لن نحترم يوماً القوانين الدولية، ولا المحلية، ولا حتى منظومة المبادئ الشخصية المفترض أن نضعها نحن لأنفسنا. لا نحن سننأى يوماً باختلافاتنا السياسية عن علاقاتنا الشخصية وحياتنا اليومية ومبارياتنا الرياضية، ولا «ناسنا الطيبين» سيمتثلون يوماً لقوله تعالى: «وأوفوا الكيل إذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم».
عندما رفع أبوتريكة قميصه كاشفاً عن عبارة «تعاطفاً مع غزة» فى عام 2008، تربَّع - ويا سبحان الله - على عرش القلوب وهللت له الجماهير، بل لعن الناس الانتقادات التى وجهها له الاتحاد الدولى لكرة القدم. وأفتى أولو العلم آنذاك بأن العقوبة قطعاً «مُسيّسة» وفيها انحياز واضح لإسرائيل ضد الفلسطينيين.
ذات الجماهير اليوم تتابع بغبطة شامتة ما يجرى لـ«عبدالظاهر»، تدافع عن قوانين الـ«كاف» باستماتة، تتبنى احترام اللوائح الدولية، وتنادى بعدم إقحام السياسة فى الملاعب، لا بل إنها تستدعى مواقف أبوتريكة من الإخوان والرئيس المعزول خلال العامين الماضيين وتطالب بمعاقبته بأثر رجعى، وربما التخلى عنه – على غرار عبدالظاهر - «فوق البيعة».
- «يا سلّام؟!» على طريقة أحمد زكى فى «العيال كبرت»!
إنه المزاج الشعبى. مزاجٌ متغيرٌ يُخضع مواقفه لأهوائه دون إرساء مبادئ عامة يكيل بها الأمور، فتخرج مواقفه متطرفة ظالمة وغير منصفة بين حب مفرط ودفاع لآخر نَفَسٍ، أو كراهية مقيتة وتوبيخ لا ينقطع.
الملاحظ أن هناك من يتباهى بحالة الازدواجية تلك على طريقة «إذا كان عاجبكم!»، إمعاناً فى استفزاز خصومه السياسيين، الذين تحولوا بين ليلة وضحاها من التشكيلة الأساسية داخل الملعب إلى دكة المعارضة المنبوذة. بروحٍ لا رياضية ولا سياسية، تتحول المنافسة الشريفة فى ملاعب الكرة والسياسة إلى اقتتال شريعته الغاب، طالما أننا لا نحتكم لقوانين موحدة ومبادئ ثابتة.
ذات الحالة تتكرر فى مواقفنا من حرية التعبير، ومن رفع حالة الطوارئ، وفرض الحظر، وقانون التظاهر، وتنظيم المسيرات، ومن استخدام القوة فى فض الاعتصامات.. إلخ إلخ.
لكل هذه الأسباب وغيرها: قالها سعد زغلول: «مفيش فايدة»!