
فهو صاحب موال أدهم الشرقاوي وأغنيات "عرباوي" و"قولوا لمأذون البلد" و"لا لا"، وشهد له كبار المطربين وعلى رأسهم كوكب الشرق سيدة الغناء العربي أم كلثوم.
هو الفنان الراحل محمد رشدي، من مواليد مدينة دسوق بمحافظة كفر الشيخ عام 1928، وظهرت موهبته الغنائية وهو طفل بالمرحلة الابتدائية، عشق الغناء ولم يجد حيلة لإظهار موهبته إلا بالذهاب إلى مولد "إبراهيم الدسوقي" والغناء فيه، اشتهر وذاع صيته وأصبح له معجبيه ومريديه.
وفي يوم وبالصدفة البحتة كانت أم كلثوم تزور المولد، وسمعته أعجبت بحنجرته وقالت له يومها "روح.. يا بني إنت هتبقى مطرب"، وطار من الفرح بهذه الشهادة التي غيرت مجرى حياته.
توجه إلى القاهرة وهو في السادسة عشر من عمره، والتحق بمعهد فؤاد للموسيقى "معهد الموسيقى العربية الآن"، كان وقتها مطلوبا منه أن يقتصد من مصروفه ويدبر شئونه بثلاثة جنيهات شهريا، حيث استأجر غرفة متواضعة تحت السلم بحي باب الشعرية مقابل جنيه واحد شهريا، وهذه الغرفة وفرها له أحد "بلدياته" الذي كان يعمل فراشا بمكتب عبد الوهاب، وعندما علم رشدي بذلك، طلب منه وألح عليه أن يجعله يرى مكتب عبد الوهاب حتى ولو من بعيد، ووافق بلدياته بشرط ألا يلمس شيئا من مكتبه.
دخل رشدي مكتب عبد الوهاب، وأخذ يلمس كل شيء ويشم رائحته العابقة في كل أركان المكان، ووقعت عيناه على سلة المهملات التي كانت مليئة بالأوراق والقصاصات ومسودات الأغاني، التقط بعضها وراح يقرأها، ووجد بها كلمات أغنية يقول مطلعها "ياللي انت في بالي.. والعمر قضيته أغنيلك"، وتوسم في هذه الكلمات خيرا وشعر بأنها ستشكل له شيئا ما، فاستأذن من بلدياته أن يأخذ هذه الأوراق إلا أنه لم يقبل هذا، خاصة أنه اشترط عليه عدم المساس بأي شيء، ولكنه وافق بعدما أخبره بأن عبد الوهاب لن يحتاجها بدليل إلقائها في القمامة.
عشق رشدي لعبد الوهاب جعله يسهر ويجتهد ويقوم بتلحين هذه الكلمات، بل إنه تقدم بها لامتحان الإذاعة، وكانت المفاجأة وجود الموسيقار عبد الوهاب على رأس اللجنة التي ستحدد مصير رشدي.
بدأ رشدي الغناء.. طار صواب عبد الوهاب وكاد يتهمه بالسرقة، وسأل رشدي كيف وصلت إليك هذه الكلمات؟؟ حكى رشدي له ما حدث دون أن يخف شيئا، فضحك عبد الوهاب بشدة، ونجح رشدي في الاختبارات، وتم اعتماده مطربا بالإذاعة، وظل هذا الموقف عالقا في ذاكرة رشدي لأنه كان إعلانا عن مولد مطرب منفرد الأداء والموهبة.
كون مع الشاعر عبد الرحمن الأبنودي ثنائيا فنيا رائعا، وقدما أهم روائع السير الشعبية المصرية الناجحة، ومثل 6 أفلام وقف فيها أمام كبار النجوم، ورحل عن عالمنا عام 2005 عن عمر ناهز 77 عاما بعد إصابته بالفشل الكلوي.
