عصر جديد تبدؤه مصر بذلك النظام السياسى الذى أقره الدستور، والذى يختلف عن كل الأنظمة التى عرفتها مصر فى السابق.
لقد كان اجتماع لجنة الـ50، أمس الأول، نقطة فاصلة فى تاريخ مصر السياسى. فمن الآن فصاعداً سيكون نظام مصر رئاسياً برلمانياً يشارك فيه رئيس الوزراء رئيس الجمهورية مسؤوليته، ولا يكون مجرد سكرتير له ينفذ ما يضعه الرئيس من سياسات. من الآن فصاعداً لن يسمح النظام السياسى الذى نص عليه الدستور بتركيز كل السلطات فى يد رئيس الجمهورية وحده، مما يؤدى إلى استبداده بالسلطة. من الآن فصاعداً لن يختار الرئيس رئيس الوزراء، لأنه كان يلعب معه «طاولة» أو لأنه سافر معه بالطائرة، فأعجب به، فالأكثرية البرلمانية هى التى ستختار رئيس الوزراء.
من الآن فصاعداً لن يظل رئيس الجمهورية فى موقعه إلى أن يتوفاه الله أو تخلعه الجماهير أو تعزله، فلم يعد من حقه أن يمد فترة رئاسته إلا لمدة واحدة. من الآن فصاعداً لن يصبح من حق رئيس الجمهورية أن يعلن حالة الطوارئ وقتما شاء، وأن يبقيها سارية عشرات السنوات، فالدستور يلزمه الآن بالحصول على موافقة البرلمان، بعد أخذ رأى مجلس الوزراء، وفى جميع الأحوال لا يمكنه أن يفرضها لأكثر من ثلاثة أشهر بحد أقصى، ولا أن يجددها إلا لمرة واحدة. من الآن فصاعداً فإن من سيحل محل رئيس الجمهورية أثناء غيابه سيكون رئيس الوزراء الذى شارك معه فى وضع السياسة العامة للبلاد.
لقد مضى عصر الانفراد بالسلطة، وصارت المسؤولية السياسية تعتمد على المشاركة الجماعية ممن ينتخبهم الشعب، فالرئيس منتخب من الشعب، ورئيس الوزراء وفق النظام الجديد سترشحه الأكثرية البرلمانية التى انتخبها الشعب أيضاً.
إن الدستور الجديد يضع أسس الدولة الديمقراطية الحقة التى نادت بها الثورة، والتى قدم الشهداء أرواحهم فداء لها، والتى مضت حتى الآن ثلاث سنوات دون أن تتحقق.