الخبر أن الأستاذ صلاح دياب، مؤسس «المصرى اليوم» قد أجرى جراحة مفتوحة للقلب، أما ما وراء الخبر فهو هذا المقال.
من الطبيعى أن أهتم بكل شىء يتعلق بالأستاذ «صلاح دياب». وكيف أنسى أن هذا الرجل، بدون معرفة سابقة، بغير أن يرانى ولو لمرة واحدة، منحنى فرصة عمرى فى التواصل الحميم مع السادة القراء منذ أربع سنوات كاملة، فى سابقة لا أعتقد أن لها مثيلا فى تاريخ الصحافة المصرية. أن تمنح الجريدة الأكثر توزيعا والأثقل وزنا فى مصر عمودا يوميا لكاتب مجهول، بدون واسطة أو مصلحة، لمجرد اعتقاده أننى أستحق الفرصة.
لا شك عندى أننى سأظل أذكر «صلاح دياب» بالخير حتى آخر لحظة فى حياتى. أكون جاحدا وناكرا للجميل لو لم أفعل.
بالنسبة لى كان الأمر مثيرا للتأمل. حينما أتصور مبضع الجراح وهو يشق الصدر وينفذ خلال الأنسجة، توطئة لأن يتعامل مع الياقوتة الحمراء التى تدق داخله. هذا القلب الذى أعرف، أكثر من أى شخص آخر، طيبته. هل تعرف المشارط ذلك أيضا؟ هل عرفتْ أن هذا القلب طيب!!.
ينقسم الناس عندى إلى فريقين أساسيين: فريق القلوب الطيبة وفريق القلوب القاسية. طيبة القلب هبة من الله لا فضل لأصحابها فيها. ولو حاولوا غيرها ما استطاعوا.«صلاح دياب» الذى عرفته ينتمى بامتياز إلى الفريق الأول. هذا شىء خبرته بنفسى. ليس من الضرورى أن أتعامل معه كل يوم لكى أفهم مفاتيحه. بل يكفى موقف عابر ولكنه دال، تلقائى ولكنه كاشف. مفتاح شخصية «صلاح دياب» أنه لا يستطيع أن يرى الملهوف، وهو يستطيع مساعدته، ثم يمتنع عن نجدته. هذه سمة القلوب الطيبة المسارعة فى الخيرات. وأقسى شىء عليها أن ترى إنسانا فى موقف الذل حتى لو أساء إليه، حينئذ يتلطف له حتى ينسيه ذله، ويجعله نداً له فى الإنسانية.
أغلب الظن أن هذه الخصلة الكريمة انتقلت إليه من جده «توفيق دياب» الصحفى الوطنى الشريف المجاهد. المثل الأعلى الذى ظل مرفوعا أمام عينيه طيلة حياته. يقول الله عز وجل منبئا عن سر الرحمة الإلهية بالطفلين اليتيمين «وكان أبوهما صالحا». ويقول العارفون إن صلاح الأجداد ينشر البركة على سبعة أجيال كاملة. ولعل الكثيرين لا يعلمون أن «توفيق دياب» لم يكن ملهما له فحسب، بل كان ملاكه الحارس. أول صفقة ناجحة فى بدء حياة «صلاح دياب» العملية كانت ببركة جده. وقتها لم يكن يملك تأمين دخول المزاد، وانتبه المدير المسؤول إلى تشابه اللقب فسأله، وحين عرف أنه حفيده أعفاه من تأمين المزاد كرامه لذكرى جده الوطنى المجاهد.
يا «طيب القلب» سلامتك!. عشت مبرأ من كل داء، محاطا بكل الدعوات الصالحات يرفعها إلى الله من ساعدتهم. لا أشك لحظة أن الأيام السابقة للجراحة قد شهدت منك الكثير من التأمل. رحلة الحياة ما لها وما عليها. إن شاء الله تكون قد عقدت العزم على المزيد من الحسنات والتوبة من السيئات، ومن فينا لم يخطئ؟.
آه لو تمتلئ مصر بأمثال «صلاح دياب» فى كل مجال، من الذين يسارعون فى الخيرات ويفتحون أبواب الرحمة! إذاً لأصبحت مصر جنة.