أجمل ما فى مبارتى الأهلى والزمالك الأخيرتين ربما أجمل من الانتصارات أن المبارتين مرّتا فى سلام، كان هذا هو التحدى الأكبر بالنسبة إلىّ، وادى دجلة مع احترامى لا يثير القلق كمنافس، والأهلى خُلق خصيصًا لمثل هذه التحديات الإفريقية، ولكن الأولتراس الذى أصبحت علاقتنا به على المحك بعد تصرفات مضطربة أثبت أنه قادر على تحمّل المسؤولية،
ربما شعوره باحتمال ضياع مباراة العودة فى تصفيات كأس العالم جعله يحافظ على المظهر العام والنظام حتى لا يتم حرمان مصر من إقامة المباراة على أرضها، ربما شعروا أن سخافة إفساد المباريات قد تجاوزت الحد، وأن مصر كلها باتت تُحمّل الأولتراس مسؤولية غياب المتعة الوحيدة المتاحة فى هذه الأيام، أيًّا كان المبرر فقد نجحوا فى الاختبار مما يجعلهم يستحقون الشكر على مظهر لا بأس به قدموه خلال المبارتين، صحيح أن الأمر لم يخلُ من احتكاكات بسيطة سببها الزحام الشديد وسوء التنظيم وكَون الداخلية أصبحت (تستسهل ترمى قنبلتين غاز كل ما تشوف زحمة) بس عدت، وصحيح أن هتافات كل جمهور لم تخلُ من بعض (هيلا هيلا وهيلا هيلا هوه.
. الفريق التانى حاجة بخصوص أمه) لكن لا بأس فهذا هو الحد الأدنى من حياتنا فى مدرجات الكرة، من زمان وهكذا تسير الأمور فى ملاعبنا من أيام ما كان جمهور الأهلى يهتف لحسن شحاتة (بيب بيب بيب كريم ابن الخطيب) أو معايرة التالتة شمال بـ(دلع عينى دلع إنبى عملها وخلع)، لا بأس إذن من القليل من (دلع اللملم هشك اللملم) أو (سبع سنين يا بوابين)،
نحن نحتمى فى بعضنا البعض داخل المدرجات بحيث لا تصبح العداوة شخصية، لم يحدث يومًا أن استوقف زملكاويًّا أهلاويًّا فى الشارع وهتف فى وجهه (أبطال على مين)، هذه هى حدودنا فى المدرجات ربما لا ترضى أحدا، لكن روّاد الملاعب لا يأخذونها على محمل بغيض ويرون فى الأمر جزءًا من المتعة، نحن نتسلى بتهييج مدرجات الخصم فماتش الكرة رغيف حواوشى لا طعم له دون بهارات بلدى مهما كان اللحم نظيفا وجيد الصنع فلا طعم له إلا بمثل هذه الأمور، وأديك شايف كيف مرّ الوقت ونحن أمام كرة قدم أشبه بأكل المستشفيات، الذى سرعان ما تدهور فأصبح أكل مدن جامعية، والنتيجة أن منتخب مصر لم يعُد من كوماسى فقط (حبلى فى نجمك)
بل حبلى فى ستة نجوم من البلاك ستارز بتوع غانا، لذلك أناشد الأولتراس بعد أن نجحوا فى اختبارين متتاليين جعلا الجميع يتفاءل بعودة الكرة من جديد؛ أن يصبحوا قدر المسؤولية وأذكِّرهم أن نهاية الإخوان كانت أن أصبحوا فصيلا مميزا داخل مجتمع يكره التمييز، فلا أحد أكثر إسلاما من الآخر ولا أحد أكثر زملكاوية منِّى، وبقى أن تصنعوا تميزكم داخل حدود التالتة يمين والتالتة شمال، وكل كابو وعضو فى الكيان يعرف جيدا أن (لكل واحد مجاله)، فاخدمونا فى مجالكم ولا تكونوا إلا فاكهة تظهر فى الميعاد، والمكان المناسبين، وحياة كل بيت يعيش فى مأساة لأنه فقد ابنه المحب للكرة، والذى كان واحدا منكم لا تكونوا إلا مصدرا للإبهار والمتعة والفن والثقافة كما عهدناكم فى البدايات لأنها وحياة ربنا ماهى ناقصة.