بمجرد جلوسى وسطهم بدأت كالعادة فى ملاحظة تصرفات الجميع.. بدأت أتابع تفاصيل كل منهم على حدة.. هناك من يثق بنفسه أكثر من اللازم، وهناك من لا يثق بنفسه من الأساس، البعض يمتلك ثقافة فنية جيدة والبعض الآخر حديثه لا يتعدى مرحلة التنظير بجهل ودون أى معرفة.
جميعهم مشتركون فى شىء واحد، أنهم جميعًا صُنَّاع للسينما، أو هكذا يحاولون أن يصبحوا. بدأ النقاش حول فيلم «8%» لأوكا وأورتيجا الذى يُعرَض فى السينمات منذ عيد الأضحى الماضى. واستمر النقاش لمدة تجاوزت نصف ساعة عن الأزمة التى يوجدها السبكى فى السوق والكارثة التى يتسبب فى حدوثها بالسينما. قال أحدهم إنه لم يقرر دخول مجال صناعة السينما إلا لتطهيرها من السبكى، والسبكى تحديدًا، ثم ارتفع صوته بلهجة خطابية وبأداء يقنعك أنه كان حامى حمى السينمائيييييين من أيام الأيوبيييين! ثم ازداد النقاش حدة ووصل بأحدهم إلى تحليل سر نجاح فيلم «8%»، وهو اعتماد السبكى على خلطته الشهيرة «مهرجان + رقاصة + حبة كلام قبيح» على حد تعبيرها، فليصبح مجموع هذا كله فيلمًا ناجحًا.
إلا أن شابًّا آخَر لا يقل عنها حماسًا كان يرى أن السر وراء النجاح هو تلك الخطة مضيفًا إليها «حبة مشاهد سكس وعيال سيس وسرسجية حصلوا على العيدية وقررو أن يصرفوها فى هذا القرف». ازدادت حدة الحديث بينهم طالب خلاله البعض بضرورة إنشاء حملة لمقاطعة فيلم «8%» «المعروض فى السينمات منذ أكثر من شهر!»، واقترح البعض الآخر عليهم أن يقومو بعمل محاضر ضد السبكى ورأى آخرون أنه من الأفضل عمل وقفات احتجاجية أمام دور العرض التى يُعرَض فيها الفيلم ومثلها أمام مكتب السبكى وكذلك فى كل الاستوديوهات التى سيقوم السبكى بتصوير أفلامه القادمة فيها. وأنا كعادتى لا أتكلم... أتابع فقط. أحب أن أعرف أكثر وأستفيد من الآراء المختلفة فى الحديث، إلا أن محاولتى للاختفاء والابتعاد عن هذا الجدل باءت بالفشل، فقد نظر إلىّ أحدهم وقال «طب انت إيه رأيك؟». خيَّم الصمت على الغرفة لمدة دقيقة اتجهَت خلالها أنظارهم جميعا إلىّ فى انتظار الإجابة.
فى تلك اللحظة لم أجد إلا حلًّا واحدًا، لملمت شنطتى وباقى متعلقاتى ثم وقفت ونظرت إليهم وأنا ابتسم وقررت أن أبوح بالسر وأمرى لله: «بس الفيلم ده مش إنتاج السبكى أصلا!». لا أعرف لماذا وجموا جميعًا، وأذكر أنى لم أسمع من أحدهم كلمة واحدة حتى غادرت المكان.