يجب ألا يفوتنا أبدا أن نشكر حزب النور لإعلانه بصراحة عن موقفه من المرأة فى الدستور.. أما الشكر فهو لإعلانه هذا الموقف بصراحة ما يدفعنا لمواجهته بشكل صريح أيضا، يختصر لنا الكثير من الجهد فى مواجهته.
رفض حزب النور السلفى المادة 11 التى أقرتها لجنة الخمسين لتعديل الدستور، وهى المادة التى تلزم الدولة بتحقيق المساواة بين الرجل والمرأة، واعتبرها مخالفة للشريعة، كما رفض أى اقتراح أو تعديل بإقرار كوتة للمرأة فى المجالس النيابية.. وأعلنت قيادات حزب النور أن الحزب سوف يتصدى لهذه المادة «حفاظاً على شرع الله»، موضحاً أن الحزب ليس ضد ترشيح المرأة فى البرلمان، لكن ضد مساواتها بالرجل فى جميع الحقوق والواجبات.
هل كنا بحاجة لمثل هذا الإعلان من حزب النور عن موقفه من المرأة؟ حتى ادعاء أن الحزب ليس ضد ترشيح المرأة فى البرلمان هو ادعاء تكتيكى بحت، فكلنا نتذكر كيف رفض حزب النور فى البداية وضع المرأة فى قوائمه فى الانتخابات الماضية، ثم رضخ فى النهاية لدواع سياسية، لإظهار أنه حزب لا يضطهد المرأة فى حقها فى الترشح، لكنه رفض وضع صورة المرشحات عنه فى القوائم، ووضع بدلا منها صورة وردة، ما أثار سخرية شديدة.. وها هو الحزب يرضخ مرة أخرى لحقها فى الترشح، لكنه يعلنها صراحة أنه ضد مساواتها بالرجل فى جميع الحقوق والواجبات.
رأى حزب النور يصطدم بالاتفاقيات الدولية التى وقّعت عليها مصر، والتى سعى الإخوان المسلمون إلى الإطاحة بها بحجة الخصوصية الثقافية، وهو نفس موقف حزب النور منها، حيث إنه يرى أنها ضد الشريعة الإسلامية، وهنا يجب أن نتساءل: عن أى شريعة يتحدث حزب النور فى موقفه من المرأة، وهل تتفق رؤيته للشريعة مع رؤية الأزهر مثلا فيما يخص المرأة؟.. من هنا يغدو السؤال الذى من المحتم أن يطرح هنا هو: هل يمكن أن يقودنا حزب النور فى المواد التى تخص المرأة فى الدستور؟ بل هل يمكن أن يمثلنا حزب النور فى تصوره لدور المرأة وحقوقها، بل وحتى مجرد وجودها؟ حزب النور يرى أن وجه المرأة عورة فتخفى نساؤه وجوههن وراء النقاب، لكن هذا ليس قناعة كل المصريين وليس رداء كل المصريات، بل هو مقصور على السلفيين وحدهم.. أى أن حزب النور يمثل نفسه وأتباعه فقط فى لجنة الدستور، وموقفه من المرأة موقف خاص به وحده ولا ينسحب علينا جميعا، ولا يمكن له أن يلغى لا توقيع مصر على الاتفاقيات الدولية التى تقضى بحقوق المرأة، والتى تنص على المساواة بينها وبين الرجل، ولا أن يلغى نضال المرأة المصرية لعقود طويلة من أجل الحصول على حقوقها وحريتها ومساواتها بالرجل.