ارتكب المعزول جرائم مثبتة فى التحريض على القتل، وقد نفذ القتل عبر آليتين، لا ثالث لهما: عناصر الجماعة، وعناصر الداخلية.
المعزول متورط فى جرائم قتل حدثت فى نوفمبر 2012 فى ذكرى محمد محمود، وكان الناس قد نزلوا لإحياء ذكرى محمد محمود فى سنة 2012، ليس بغرض الاشتباك مع الداخلية، كما كان المعزول ذاته يصور ذلك، ولا لأنهم مدفوعون من جهات كما صرح هو، ولكن لظنهم أنهم انتخبوا مرشح الثورة الذى سيقتص من القتلة، كما وعد فى حملته الانتخابية، ولظنهم أنه من رابع المستحيلات أن تقوم الداخلية بمذبحة جديدة فى ظل حكم مرشح الثورة، لكنهم فوجئوا بأن الداخلية تأتى بنفس أفعالها الإجرامية، وتطلق الرصاص والخرطوش، وتقتل وتصيب، وقد أمضت الداخلية أسبوعا كاملا تطلق فيه الرصاص والخرطوش على المتظاهرين فى شارعى محمد محمود والقصر العينى، وهم فى انتظار أن يعزل الرئيس، الذى أدى القسم فى الميدان، وزير الداخلية آنذاك، أحمد جمال الدين، أو أن يطلب منه التوقف عن القتل على أقل تقدير، لكن المعزول اتهم المتظاهرين بأنهم مأجورون، وأنهم يريدون إفساد الحياة وضرب الاستقرار. ثم إن المعزول قام بعزل أحمد جمال الدين بالفعل، لا لأنه ارتكب مجزرة محمد محمود الثانية، ولكن لرفضه ارتكاب مجزرة مماثلة فى الاتحادية ديسمبر 2012، وكان مبرر أحمد جمال الدين لعدم الانصياع لأوامر الرئيس هو أن العدد كبير، وأن أى عنف سترتكبه الداخلية سوف يكسرها كما كُسرت فى 28 يناير 2011. فما كان من المعزول إلا أن استعان بأنصاره لتنفيذ خطته، ثم عزل أحمد جمال الدين وعيّن محمد إبراهيم، وزير الداخلية الحالى، خَلَفًا له، والذى كان مثالا للطاعة العمياء للمعزول، فمحمد إبراهيم هو المسؤول عن ارتكاب مجزرة «سيمون بوليفار» التى علق عليها المعزول قائلا بأن الأطفال الذين قتلتهم واعتقلتهم الداخلية هم مجموعة من أطفال الشوارع الذين يتقاضون أجرا لإحداث الشغب، ثم قامت عناصر الداخلية فى عهد المعزول ومحمد إبراهيم بتعذيب محمد الجندى حتى الموت، وقتل ما يقرب من 50 مواطنا فى ظرف ساعتين فى بورسعيد، ثم قتل سبعة من المشيعين لجنازة شهداء بورسعيد، وقامت قوات الداخلية، بالتعاون مع عناصر الجماعة، بضرب المتظاهرين فى أحداث المقطم أمام مقر الجماعة. طيب، ها هو المعزول يحاكَم على جرائمه، فأين قيادات الداخلية التى شاركته الجرائم؟
ما حدث هو أن السلطة الانتقالية، قامت بالتنسيق مع الداخلية، وعلى رأسهم محمد إبراهيم، الذى شعر بأن نجم سيده القديم قد أفل، وأبدى استعداده لخدمة السيد الجديد، شريطة أن يعفَى من المحاسبة على ما اقترفه إبان حكم الجماعة. أما السيد الجديد، فهو يتبع نفس آليات السيد القديم والأقدم فى التعامل مع المعارضين، ألا وهى الاستعانة بالحل الأمنى وفقط. الناس تتعجب من حكمة الله سبحانه وتعالى، حين يرون أن القنابل التى يضرب بها مؤيدى المعزول، هى ذاتها التى كان المعزول قد اشتراها فى فترة حكمه لتتعامل مع معارضيه، لكننا تعجبنا من حكمة الله، وقلنا سبحان الله، وخلاص، أين المحاسبة؟ ولماذا الإصرار على استخدام نفس الأسلوب الذى أسقط رئيسين من قبل؟ الحقيقة أن الداخلية ليست ذات كفاءة، وأنها تقف كالبومة خلف سقوط كل من سقطوا من قبل، فتعامُلُها بالقتل والاعتقال العشوائى هو السبب فى أن يقف كل من مبارك ومرسى خلف القضبان، ولم ينجح فقط التعامل الأمنى مع أى معارضة أيا كانت، سواء كانت على حق أم على باطل. أى أن ما يحدث من الضرب صفحًا عن جرائم الداخلية، وتجاهل ضلوع محمد إبراهيم وأحمد جمال الدين فى التهم الموجهة إلى مرسى، لا يتجاوز الحد الأدنى من العدالة فحسب، بل قد يودى بالحكم الانتقالى الحالى لمصير سابقيه. فما يحدث بالبلدى: حاطنّش على اللى عملتوه، بس تقتلوا لى اللى كنتوا بتخدموه. هذا حل فاشل يفتقر إلى الحكمة، فلن يقتنع أحد بمحاكمة مرسى مع تجاهل شركائه، ولن يؤدى استخدام الحل الأمنى ضد عناصر الجماعة إلا لرفع أسهمها وزيادة التعاطف معها، فالفكرة، مهما كانت تافهة، تكتسب ثقلا إذا ما دُفع دمٌ ثمنَها، وعناصر الجماعة يحملون فكرة ملخصها: إحنا ناس كويسة وانتوا ناس وحشة، إحنا نسوانا حرائر، وانتوا نسوانكوا بيشيلوا مطهر مهبلى ولولب فى الشنطة، واحنا جايين نهديكوا.. مش عايزين تهتدوا ليه؟ هانخرب بيتكوا لو ما اهتدتوش على فكرة. شخص يحمل فكرا كهذا لن يجدى معه أن تعتقله أو تعذبه أو تقتله، فإما أن تناطحه بالفكرة، أو إذا كان الأمر متفاقما، فعليك أن تودعه مستشفى الأمراض العقلية.