ربما كان أفضل احتفال بالذكرى الـ40 لرحيل عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين هو إقرار لجنة الـ50 لإعداد الدستور مجموعة المواد الثمانى الخاصة بالتعليم، والتى ارتفعت بمواصفاته إلى درجة غير مسبوقة فى دساتيرنا السابقة.
لقد كان الدكتور طه حسين هو من نادى بأن التعليم حق للجميع «كالماء والهواء»، فقد كان يؤمن بأنه لا نهضة ولا تقدم لأى أمة إلا بالتعليم، فالديمقراطية تعتمد على التعليم، والدولة الحديثة تعتمد على التعليم، والثقافة تعتمد على التعليم.
وإذا كانت ثورة يوليو قننت دعوة طه حسين لمجانية التعليم باعتباره حقاً أصيلاً للمواطنين جميعاً، بصرف النظر عن وضعهم الاجتماعى أو المادى، فإن دستور الثورة الذى أوشكت لجنة الـ50 على الانتهاء منه، جعل هذا الحق مقروناً لأول مرة بمعايير الجودة العالمية.
لقد أقرت اللجنة ثمانى مواد تعالج مختلف جوانب التعليم، وهى المواد من (18) إلى (21) بالإضافة إلى أربع مواد مستحدثة لم ترد على الدساتير المصرية من قبل، وجاء ذكر معايير الجودة العالمية فى أربع مواد منها، أولاها المادة (18) التى تنص على الحق فى التعليم وعلى مجانيته فى مؤسسات الدولة فى جميع المراحل على أن «تلتزم الدولة بتوفيره وفق معايير الجودة العالمية»، ثم يأتى ذكرها مرة ثانية فى المادة المستحدثة الخاصة بالتعليم الفنى والتدريب المهنى، ومرة ثالثة فى المادة (19) الخاصة بالتعليم الجامعى وتطويره، ورابعة فى المادة المستحدثة الخاصة بالمعلمين وأعضاء هيئة التدريس والتزام الدولة برفع كفاءاتهم العلمية «بما يضمن جودة عملهم».
ومن بين المواد الثمانى الخاصة بالتعليم المادة (21) التى تنص على التزام الدولة «بوضع خطة شاملة للقضاء على الأمية فى جميع الأعمار»، والمادة المستحدثة الخاصة بالبحث العلمى، التى تنص لأول مرة على ألا تقل ميزانيته عن 1٪ من الناتج القومى الإجمالى، وهو أضعاف ما ينفق عليه الآن، والمادة (19) التى تنص على تخصيص نسبة لا تقل عن 2٪ للتعليم الجامعى، والمادة المستحدثة التى تنص على ألا تقل نسبة الإنفاق الحكومى على التعليم الإلزامى حتى نهاية المرحلة الثانوية عن 4٪ من الناتج القومى الإجمالى.
رحم الله عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين الذى قدم له أحفاده بعد رحيله بـ40 عاماً ما كان يحلم به طوال حياته.