أنت فى مَعِيَّة ما تنتظر، فكما أن انتظار الصلاة صلاة، فانتظار الفرج بما ينطوى ذلك عليه من أمل وثقة هو فرج، والوقت الذى يمر عليك فى انتظار أن تقوم بـ«العَوَء» هو «عَوَء». وانتظار المتعة متعة، مثل أن تقضى اليوم منذ بدايته متحمسا حتى يحين موعد مباراة فريقك المفضل. انتظار وقوع الكارثة وقت محمَّل بالوجع نفسه الذى يتحقق على هامش وقوعها بالفعل، وهكذا تسير ملحمة الانتظار طول الوقت.
قُلْ لى كيف ترى مَن جلسوا ينتظرون وصول الرسول إلى المدينة؟، هم فى مَعِيَّة الرسول إلى أن أطل عليهم، على الرغم من أن معظم الأنصار لم يكن قد سبق لهم أن رأوه، لذلك عندما أطلّ عليهم من بعيد رجلان أحدهما الرسول والآخر سيدنا أبو بكر اختلط عليهم الأمر، أيهما الرسول؟، كانت الشمس فى عنفوانها فخلع أبو بكر رداءه ورفعه صانعًا منه مظلة تَقِى الرسول أَذَى الشمس، هنا عرفوا أن الرجل الذى تحت الرداء هو الرسول. كان الأنصار بالأيام التى قضوها على مشارف المدينة كل يوم ينتظرون وصول محمد منذ طلوع الشمس حتى غيابها، شركاء فى رحلة الهجرة بأن كانوا فى مَعِيَّته منذ انطلق من مكة ينتظرونه.
أما مَعِيَّة الرسول وأبو بكر فقد كانت تحت قوله تعالى «لا تحزن إن الله معنا». ومَعِيَّة الله متحققة طوال الوقت «فأينما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ الله». ألم يكن أبو بكر على عِلم بهذا الأمر؟ بلى لكن تحت وطأة الموقف ربما نسى، ولم يكن قول الرسول «إن الله معنا» سوى تذكير لأبى بكر، والتذكير ينطوى على فعل أمر، إن الله معنا فَكُنْ معه، الثابت أنه معنا وعليك أن تغلق الدائرة بأن تصبح أنت معه، بدليل أنه عندما تذكر أبو بكر مَعِيَّة الله فأسلم نفسه لها حدث أن «فأنزل الله سكينته عليه وأَيَّدَه بجنود لم تَرَوْها» إلى آخر الآية.
الله معك وهو فى انتظار أن تكون معه، بما يعنى أنه فى مَعِيَّة مَن ينتظره، فى معيَّتك أنت، أى أنه معك من جديد، الله ينتظرك فى حين أنك تتوهم العكس، ينتظرك بدليل قول الرسول «إن الله ليفرح بتوبة العبد»، أو كما قال إبراهيم بن أدهم: إذا أردت أن تعصى الله فاختبئ فى مكان لا يراك فيه.
ولماذا يحاصرك هكذا؟ لأنه فى معيّتك.. ينتظرك، هى نظرة من فرط سهولتها تبدو صعبة، لكن فى حال إمساكك بها لن يفرق معك أى شىء فى الكون، أو كما قال محمد فوزى «طير بينا يا قلبى ولا تقوليش السكة منين.. ده حبيبى معايا ماتسألنيش رايحين على فين».