فى الصباح.. لم أجد نفسى متشوقا – كمعظم الناس - لرؤية المدعو محمد مرسى فى القفص لأسباب عدة.. يأتى على رأسها قناعتى بأننا بصدد مجرم يتم محاكمته على ما ارتكبه من جرائم وهذا شىء طبيعى يحدث كل يوم فى كل محكمة.. بالإضافة إلى عدم قناعتى حتى الآن بأن هذا الشخص كان بالفعل رئيسا لمصر حيث أتعامل مع تلك السنة السودا التى قضاها هذا المريض النفسى فى الحكم كسنة عبثية فى تاريخ مصر لا ينبغى علينا أن نتعامل معها بجد حيث لا تمثل سنة فى تاريخ ممتد كتاريخ مصر أكثر من الفترة اللازمة لكى ترمشوا بأعينكم.. وبالتالى فهى ليست محاكمة رئيس بقدر ما هى محاكمة مجرم شأنه فى ذلك شأن مجرمين كثيرين تمتلىء بهم البلد..
لم أجد نفسى متشوقا لرؤية المدعو محمد مرسى فى القفص حيث أن هذا هو مكانه الطبيعى وموقعه الحتمى.. وبناء عليه يصبح اشتياقك لرؤية مجرم فى مكانه الطبيعى، القفص ثم السجن، أشبه باشتياقك لرؤية ربة منزل فى مطبخها أو ميكانيكى فى ورشته او أى شخص آخر فى مكانه المناسب.. واثناء تلك السنة السودا التى استطاع فيها هذا الشخص النصب هو وجماعته على الناس - بنفس منطق نصباية شركات توظيف الأموال الخاصة بأصدقائهم، فقط استبدلوا توظيف الأموال بتوظيف الأوطان وسوف تكتشفون أنها هى نفسها الإشتغالة بتاعة زمان بس بدال ما ننصب على الشعب فى فلوسه بس حننصب عليه فى فلوسه وفى بلده كمان – أثناء تلك السنة كان الخيال يتكفل أثناء طرشه أى هرطشة من هرطشاته التى طالما طرشها فى وجه الناس عبر شاشة التليفزيون بوضعه خلف قضبان افتراضية.. ببساطة لم أجد نفسى متشوقا لرؤيته خلف القضبان لأنى لم أعتبره يوما رئيسا بجد.. وبالتالى ما المتعة فى رؤية مجرم فى مكانه الطبيعى، قفص المحاكمة ثم السجن!
لم أجد نفسى متشوقا لرؤيته بداخل القفص لأنه لم يخرج منه اساسا.. الجماعة بكامل أعضائها وقياداتها ودلاديلها وقطيعها منزوع العقل والقلب والضمير لم تخرج من القفص طوال عمرها.. إنهم لم يخرجوا منه أصلا ليعودوا إليه.. حيث أن وجود المجرم أحيانا خارج السجن ليس دليلا على عدم إجرامه، وإنما هو فقط دليل على تمكنه من خداع أجهزة الأمن والعدالة.. إنها جماعة سجنت نفسها عندما لم تجد أحدا ليسجنها.. إنهم بمنتهى البساطة حفنة من المرضى النفسيين.. ينبغى أن يتم توقيع الكشف الطبى النفسى عليهم جميعا للتأكد من مدى سلامة قواهم العقلية!
لم أجد نفسى متشوقا لرؤيته حيث أنه من الواضح تماما أن الحكاية كلها تتلخص فى أننا بصدد مريض نفسى حالته متأخرة صدق بالفعل أنه رئيس وأن جماعته الإرهابية جماعة سياسية بجد تصلح لحكم بلد مثل مصر.. تلك هى المشكلة الأساسية التى ينبغى علاجه منها هو وأصدقائه وقطيعُه من الإرهابييين والمجرمين والهمج.. مشكلة الإنفصال الكامل عن الواقع والعيش فى منطقة خيالية إفتراضية دفعته – كما توقعت – إلى صراخه الهستيرى من داخل القفص بأنه «أنا الرئيس.. أنا الرئيس.. أنا الرئيس».. وهو ما يدفعنا إلى ذلك السؤال الذى وإن بدا ساخرا إلا أنه ليس ساخرا ولا حاجة وإنما هو سؤال جاد وبجد تماما.. «هل كشفت المحكمة على قواه العقلية»؟!.. فذلك الإنفصال الكامل عن الواقع قد يجعلنا بصدد إرسال شخص إلى السجن بينما ينبغى أولا أن يتم إرساله إلى مصحة عقلية للتأكد من حالته النفسية ومن سلامة قواه العقلية حيث أنه لو استمرت المحاكمة على نفس ذلك المنوال بتاع «أنا الرئيس.. أنا الرئيس.. أنا الرئيس» فسوف نجد انفسنا فى النهاية أمام فيلم «باب الحديد» وليس أمام محاكمة جادة وعندها قد يجد القاضى نفسه مضطرا إلى تقليد تون صوت حسن البارودى ليخاطب مرسى بتعاطف بينما التمرجية بيلبسوه قميص الأكتاف.. «قناوى يا بنى.. تعال يا قناوى.. ما تخافش.. تعال عشان نجوزك هنومة»!