بغض النظر عن أى شىء، دخول مرسى القفص انتصار كبير.. نهاية حكم، ونهاية شرعية.. سواء لبس زياً مدنياً، أو راح يردد أنه الرئيس الشرعى.. كل ده كلام فارغ بمعنى الكلمة.. حاجة مسخرة.. لا تدل أننا كنا إزاء رجال دولة.. شوية عيال احتلوا البلاد، فى غفلة من الزمان، باسم صندوق الانتخابات.. لا أقنعونا فى الحكم، ولا أقنعونا فى القفص.. لا تتعاطف معه، وإن تعاطفت مع «مبارك»!
لا تستطيع أن تمنع نفسك من المقارنة.. كتبت قبل المحاكمة «المقارنة ليست اختيارية».. المقارنة إجبارية بين مبارك ومرسى.. فرق بين رجل الدول، وزعيم العصابة.. عندما ذهب مبارك إلى المحاكمة جلس فى الصف الأول.. جاء بعده الوزير حبيب العادلى، ثم مساعدو الوزير، كل فى ترتيبه وأقدميته.. حين كان القاضى ينادى عليهم تسمع الرد «أفندم».. أمس رأينا مدرسة المشاغبين!
حاجة مسخرة بالفعل.. الرئيس المعزول يخطب.. القفص يصفق، والدفاع أيضاً.. ما هذا؟.. ماذا يعنى؟.. معناه أنه يقدم نفسه للعالم من جديد على أنه «أراجوز».. لا يحترم مكاناً كان فيه، ولا منصباً رفيعاً كان يشغله.. لا يحترم أيضاً هيئة المحكمة.. لا يقلل ذلك من قيمتها.. هو يعبر عن نفسه وعن تعليمه وعن انتمائه.. مبارك أيضاً عبر عن نفسه وعن تعليمه، وعن انتمائه لمؤسسته العسكرية!
لا يفهم المعزول أنه داخل القفص.. وإن قاطع هيئة المحكمة، وإن خطب، وإن لم يمتثل بارتداء الزى المدنى.. قتلة السادات عملوا أكثر منه.. هتفوا وصفقوا ورفضوا المحاكمة.. ماذا جرى فى النهاية؟.. مرسى سوف يغنى أغنية الرئيس الشرعى.. الجلسة القادمة سينسى الأغنية.. سيجلس مثل الكرسى.. لن يجد فضائيات تذيع أغنياته الأثيرة.. كان يتصور أنه جاء ليخطب أمام الفضائيات!
فى كل الأحوال، مر يوم المحاكمة بسلام.. دعك من مناوشات هنا أو هناك.. أقل من أيام أخرى.. المعنى أن الجبن سيد الأخلاق عند الإخوان.. كانوا يعرفون أن الأمن كشف عن عينه الحمراء.. قعدوا فى بيوتهم.. انكسرت أسطورة التنظيم الدولى.. كان يوماً أقل من أى جمعة مضت.. أقل من يوم محاكمة مبارك ألف مرة.. مرسى شخصية مهزوزة.. لا صدق أنه كان رئيساً.. ولا يصدق أنه فى القفص!
صحيح أننى كنت أفضل بث المحاكمة على الهواء.. لكن مرسى لا يستحق.. لا هو ولا عصابته.. ولا دفاعه يستحق.. هم أقل مستوى من محاكمة نظام حكم.. يكفى أن يكون مرسى إلى جوار «عز».. يكفى أن يظهر أفراد العصابة بهذا التهافت.. لا ضابط ولا رابط.. العريان يهتف، والبلتاجى يقدم الأدلة العشرة لبطلان المحاكمة.. لا تعرف من كبيرهم، ولا من رئيسهم.. إنه الفرق بين الدولة والعصابة!
الفرق شاسع بين نظامين.. «مبارك» يعرف قدره كرئيس سابق، ومرسى يعرف أنه «أراجوز».. دفاع مبارك على قدر رئيس جمهورية.. دفاع المعزول على قدر بهلوان.. فى كل الأحوال، الثورة انتصرت حين دخل القفص، ولو قال: «ريان يا فجل».. أمنيته الوحيدة أن يخطب، ولو أعدمته هيئة المحكمة(!)