ايجى ميديا

الجمعة , 1 نوفمبر 2024
ايمان سمير تكتب -وقالوا عن الحرب)مني خليل تكتب -اثرياء الحرب يشعلون اسعار الذهبكيروش يمنح محمد الشناوي فرصة أخيرة قبل مواجهة السنغالايمان سمير تكتب -عيد حبعصام عبد الفتاح يوقف الحكم محمود بسيونيمني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الرابعالمصرى يرد على رفض الجبلاية تأجيل لقاء سيراميكا: لماذا لا نلعب 9 مارس؟مني خليل تكتب -غياهب الايام الجزء الثالثمني خليل - احسان عبد القدوس شكل وجدان الكتابة عنديالجزء الثاني / رواية غياهب الأيام كتبت / مني خليلإحاله المذيع حسام حداد للتحقيق وإيقافه عن العملتعاون بين الاتحاد المصري للدراجات النارية ودولة جيبوتي لإقامة بطولات مشتركةغياهب الايام - الجزء الاول - كتبت مني خليلاتحاد الكرة استحداث إدارة جديدة تحت مسمى إدارة اللاعبين المحترفين،كيروش يطالب معاونيه بتقرير عن فرق الدورى قبل مباراة السنغال| قائمة المنتخب الوطني المشاركة في نهائيات الأمم الأفريقية 🇪🇬 .... ⬇️⬇️اللجنة الاولمبية تعتمد مجلس نادي النصر برئاسة عبد الحقطارق رمضان يكشف سر عدم ترشح المستشار احمد جلال ابراهيم لانتخابات الزمالكنكشف البند الذي يمنع الدكتورة دينا الرفاعي من الاشراف علي الكرة النسائيةوائل جمعة نتتظر وصول كيروش

عمر طاهر يكتب: الكِسْوة الشريفة

-  
عمر طاهر

أهدانى صديقى العائد من الحج قطعة قماش سوداء (سنتى فى سنتى) مهترئة داخل كيس بلاستيك، (قطعة من قماش كسوة قديمة للكعبة).. هكذا قال، نظرت إليها بقدر من الإجلال، لا لكونها قطعة من رمز دينى، ولكن لقيمتها الإنسانية، كونها تختزل دموع ملايين المسلمين التى تسيل طوال الوقت فوق كسوة الكعبة، دموع ندم أو دموع رجاء أو دموع توبة أو دموع أنوار آلهية زائدة.

 

منذ عهد عمر بن الخطاب والكسوة تخرج من مصر، ينفق على تصنيعها من بيت مال المسلمين، لكن الصنايعية هم أقباط مصر، لدرجة أن نسيجها كان يسمى (النسيج القباطى)، ثم ظهرت «شجرة الدر» فى عام كان بيت مال المسلمين يعانى ضائقةً ما فى الوقت الذى هبت فيه رياح قوية أتلفت الكسوة، فاقترض والى مكة حتى يكسوها بقماش أبيض (كما يقول الكاتب محمد على السيد فى كتابه الرائع «من دروب الحج فى مصر».. والصادر عن هيئة قصور الثقافة)، وعندما علمت «شجرة الدر» بالأمر جهزت كسوة الكعبة على نفقتها ثم أرسلتها، ثم أكد الظاهر بيبرس الفكرة بأن أعدَّ الكسوة فى العام التالى على نفقته، وسافر معها ليحل صراعات القبائل فى الحجاز ونجح فى ذلك فأطلق على نفسه لقب (خادم الحرمين الشريفين) وصار اللقب متوارَثًا ومن حق كل حاكم مصرى، حتى انتهت الأسطورة فى عهد الملك فؤاد بعد أن قام أول ملك للسعودية بالاحتفاظ به لنفسه ومن بعده.

 

يقول محمد على السيد فى كتابه: «عبر أكثر من 1300 عام كانت الكسوة من نصيب مصر صناعةً ثم صناعةً وتمويلًا لدرجة أن الأمراء والملوك أوقفوا الكثير من مزارع منطقة القليوبية، للإنفاق على الكسوة، بما ارتبط بذلك من دار تصنيع الكسوة وأجيال من (القصبجية) لتطريزها بخلاف حظائر الجمال التى كانت تنقل الكسوة من القاهرة إلى مكة فى احتفالات شعبية ذات طقوس». ذكرها الكتاب الممتع بالتفصيل.

 

 

لكن الأمر كله توقف تماما فى عهد جمال عبد الناصر، تحديدًا فى عام 1962، كانت هناك حساسيات ما بين الملك سعود وناصر لقيادة الأخير ثورات فى كل أرجاء الوطن العربى بخلاف تجربة الوحدة مع سوريا، وكل هذه المسيرة التى جعلت الملك سعود يشعر بقلقٍ ما، تفاقم هذا القلق بعد أن وصلت بعثة الحج المصرية إلى ميناء جدة بقيادة محمد توفيق عويضة أحد الضباط الأحرار، فوشى أحدهم للملك بأن عويضة قد تدرب على الاغتيالات السياسية وأنه جاء على رأس البعثة لاغتياله.

كانت البعثة تصطحب معها كسوة الكعبة الجديدة، وبعد انتظار طويل (16 ساعة) سمح للسفينة بدخول الميناء، وقبل أن يهبط منها الحجاج صعد إلى القبطان ضابط سعودى وأبلغه بمنع نزول الكسوة من السفينة وأن لديه أوامر صريحة بإطلاق النار على كل من يحاول تكسير الأمر.

ثار وفد الحجاج المصريين، واعتبروا أن الكسوة واجب دينى لن ينزلوا من السفينة بدونها، فصارحهم المسؤول السعودى بوجود 20 ألف جندى سعودى خارج الميناء لديهم أوامر بإطلاق النار لمنع خروج الكسوة من الميناء.

 

 

فتحول الميناء إلى مظاهرة للحجاج رفعوا جميعا صورًا لعبد الناصر مصحوبة بهتاف: «ناصر كلنا بنحبك»، وصلت فى الوقت نفسه سفينة مصرية أخرى تضم حجاجا من مصر وفلسطين والمغرب فانضموا إلى المظاهرة، فدخلت سيارات الجيش السعودى إلى الميناء مدججة بالسلاح فزاد هياج هتاف الحجاج: «أرض الله.. لا ملك إلا الله» وحسم الحجاج موقفهم بعدم النزول بدون الكسوة مهما كلفهم الأمر، واستمر الوضع هكذا أكثر من 31 ساعة ما بين اعتصام محاط بسيارات الجيش والزوارق الحربية ومفاوضات بين كل الأطراف، أصر خلالها الملك سعود على موقفه فهو لن يعلق على الكعبة كسوة مكتوبا عليها أنها صُنعت بأوامر جمال عبد الناصر (كعادة الكسوة التى كان يكتب عليها اسم الحاكم) خصوصا أن ناصر من وجهة نظر الملط، مُلْحِد سلّم نفسه لشيطان الشيوعية الأعظم الاتحاد السوفييتى، على هامش المفاوضات طلب قبطان السفينة المصرية من الميناء السعودى التموين من وقود وطعام ومياه، لكن السعودية رفضت، فبدأ الحجاج يتقاسمون المؤن القليلة التى اصطحبوها، إلى أن قرر الحجاج أن يغادروا الميناء وأن يضحوا بفريضة قد لا يقدرون على أدائها فى العام القادم مقابل موقف وطنى.

 

 

استقبلت لنشات التموين المصرية السفينة فور دخولها المياه الإقليمية، وقرر زكريا محيى الدين وزير الداخلية، أن تفتح بنوك السويس أبوابها خصيصا مساء الجمعة، فور وصول الحجاج ليستبدلوا بالريالات عملات مصرية، وتم سحب الكسوة إلى الجامع الأزهر وعرض ستارة باب التوبة على المنبر وصممت لها إضاءات خاصة احتفالية مع فتح الجامع 24 ساعة والسماح للنساء بالدخول لمشاهدة الكسوة، وانتهى هذا الاحتفال الشعبى الضخم بأن صلى ناصر العيد فى الجامع الأزهر وسط حشد كبير هتف له وضد السعودية.

 

 

أما هناك فقد انتظر الحجاج ليروا كيف سيتصرف الملك، وبعد صلاة العيد وجدوا بقايا كسوة مصرية قديمة فى مخازن الكعبة منذ 1936 باسم الملك فاروق، وتم تغيير الاسم باسم الملك سعود ليتم تعليقها، بعدها وإلى الآن أصبحت صناعة الكسوة مهمة سعودية خالصة صناعةً وتمويلًا.

بعد عامين من الواقعة (1964) تم إقصاء الملك سعود عن الحكم لصالح الملك فيصل، ذهب بعدها الملك سعود ليعيش فى اليونان، وفى أوائل عام 1967 طلب من عبد الناصر السماح له بالإقامة فى مصر، ففعل ناصر.

التعليقات